الترتيب. و أما استعمالهم نسبة الثّمن في
نغمة الأوتار دون الخمس و السّدس و السّبع، و تفضيلهم إياها، فمن أجل انها مشتقّة
من الثّمانية.
و الثّمانية هي أوّل عدد مكعّب؛ و أيضا فإن السّتة لما كانت أول عدد
تامّ، و كانت الأشكال ذوات السّطوح السّتة أفضلها، و المقدّم عليها هو المكعّب،
لما فيه من التّساوي، كما بينّا في رسالة الجومطريا، و ذلك ان طول هذا الشّكل و
عرضه و عمقه كلّها متساوية، و له ستة سطوح مربّعات كلّها متساويات؛ و له ثماني
زوايا مجسّمة كلّها متساوية؛ و له اثنا عشر ضلعا متوازية متساوية؛ و له أربع و
عشرون زاوية قائمة متساوية، و هي من ضرب ثلاثة في ثمانية. و قد قلنا إن كلّ مصنوع
كان التّساوي فيه أكثر فهو أفضل، و ليس بعد الشّكل الكريّ شكل أكثر تساويا من
الشّكل المكعّب، فمن أجل هذا قيل في كتاب أقليدس في المقالة الأخيرة إن شكل الأرض
بالمكعّب أشبه؛ و شكل الفلك بذي اثنتي عشرة قاعدة مخمّسات أشبه. و قد بيّنا في
رسالة الاسطرنوميا فضيلة الشكل الكريّ و العدد الاثني عشر. و من فضيلة الثمانية ما
ذكره الحكماء الرياضيّون بأن بين أقطار أكر الأفلاك و بين قطر الأرض و الهواء نسبة
موسيقيّة؛ و بيان ذلك أنه إذا كان نصف قطر الارض ثمانية، و كان نصف قطر كرة الهواء
تسعة، فإن قطر كرة فلك القمر اثنا عشر؛ و قطر فلك عطارد ثلاثة عشر؛ و قطر فلك
الزّهرة ستة عشر؛ و قطر فلك الشمس ثمانية عشر؛ و قطر فلك المرّيخ واحد و عشرون و
نصف؛ و قطر فلك المشتري أربعة و عشرون؛ و قطر فلك زحل سبعة و عشرون و أربعة أسباع؛
و قطر فلك الكواكب الثّابتة اثنان و ثلاثون. فنسبة قطر فلك القمر من قطر الأرض
مثله و ثلث، و من قطر الهواء المثل و الرّبع؛ و نسبة قطر الزّهرة من قطر الأرض
نسبة الضّعف، و من قطر القمر المثل و الثّلث؛ و نسبة قطر الشّمس من قطر الهواء