و هي خرافات و كنايات و تلفيقات و تلزيقات.
و حملت عدّة منها إلى شيخنا أبي سليمان المنطقي السجستاني محمد بن بهرام، و عرضتها
عليه، فنظر فيها أياما، و تبحرها طويلا، ثم ردها علي، و قال: تعبوا و ما أغنوا، و
نصبوا و ما أجروا، و حاموا و ما وردوا، و غنّوا و ما أطربوا، و نسجوا فهلهلوا[1]، و مشطوا ففلفلوا.» و هم أنفسهم
يعترفون في فهرست الرسائل أنهم يعرضون نموذجات مما في بستانهم على من يمر به،
فيخرجون له «من كل ثمرة طيبة، و فاكهة لذيذة، و ريحان زكي، و ورد جنيّ، و نور
أنيق، و جوهر بهيّ، و طير غرد، و شراب عذب.» حتى إذا أعجبته هذه الأشياء و ارتاح
إليها، دخل البستان و قيل له: «كل ما شئت، و شمّ ما شئت، و اختر ما شئت، و انظر
كيف شئت، و تنزه أين شئت، و جيء من أين شئت، و تلذذ و تنعّم و تطيّب و تنسّم.»
فكأنهم أرادوا بذلك أن حقيقة آرائهم و أسرار رموزهم و إشاراتهم لا يطّلع عليها إلا
من تثقف برسائلهم و مال إلى ما عرض عليه فيها من تحف، و طرف، و لطف، فانسلك في
جماعتهم ليتزيّد في العلم و المعرفة، و استحق النظر في الرسالة الجامعة التي هي
نهاية المراد.
و من محاسن هذه الرسائل أنها كتبت بلغة أنيقة جذّابة، جميلة الصور و
التشابيه، فلا يضيق مطالعها ذرعا، على ما فيها من المعمّيات و لكنها تحتاج إلى
تحقيق علمي رصين، و إن تكن هذه الطبعة الجديدة قد تداركت طائفة كبيرة من دخيل
التحريف و التصحيف.