من النغمات، و النغمات مركّبة من النقرات و
الإيقاعات، و أصلها كلّها حركات و سكون كما أن الأشعار مركّبة من المصاريع، و
المصاريع مركّبة من المفاعيل، و المفاعيل مركّبة من الأسباب و الأوتاد و الفواصل،
و أصلها كلّها حروف متحركات و سواكن، كما بيّنا ذلك في كتاب العروض. و كذلك
الأقاويل كلها مركّبة من الكلمات، و الكلمات من الاسماء و الأفعال و الأدوات، و
كلها مركّبة من الحروف المتحركات و السواكن، كما بيّنا في كتاب المنطق. و من يريد
أن ينظر في هذا العلم، فيحتاج ان يرتاض أولا في علم النّحو و العروض مما لا بدّ
منه، و قد ذكرنا في رسالة المنطق ما يحتاج إليه المتعلم و المبتدئ، و نحتاج أن
نذكر هاهنا أصل العروض و هو ميزان الشعر و قوانينه، إذ كانت قوانين الموسيقى
مماثلة لقوانين العروض، فنقول:
ان العروض هو ميزان الشّعر يعرف به المستوي و المنزحف[1]، و هي ثمانية مقاطع في الأشعار
العربية و هي هذه: فعولن، مفاعيل، متفاعلن، مستفعلن، فاعلاتن، فاعلن، مفعولات،
مفاعلتن. و هذه الثمانية مركّبة من ثلاثة أصول و هي: السبب، و الوتد، و الفاصلة.
فالسبب حرفان: واحد متحرّك، و آخر ساكن أو متحرك، مثل قولك: هل لم و ما شاكلها. و
الوتد ثلاثة أحرف، اثنان متحرّكان، و واحد ساكن، مثل قولك: نعم و بلى و أجل و ما
شاكلها. و الفاصلة أربعة أحرف:
ثلاثة متحركة، و واحد ساكن، مثل قولك: غلبت فعلت و ما شاكلها. و أصل
هذه الثلاثة حرف ساكن و حرف متحرك، فهذه قوانين العروض و أصوله.
و أما قوانين الغناء و الألحان فهي أيضا ثلاثة أصول و هي السّبب
[1] -المنزحف: ما دخله الزحاف، و هو تغيير يلحق ثاني
السبب الخفيف أو الثقيل.