و مضى مع الزمان الماضي، و منها ما هو كائن
موجود في الوقت الحاضر، و منها ما سيكون في الزمان المستقبل. و له إلى هذه الأنواع
الثلاثة من المعلومات ثلاثة طرق: أحدها السّماع و الإخبار لما كان و مضى، و الآخر
هو الإحساس لما هو حاضر موجود، و الثالث الاستدلال على ما هو كائن في المستقبل.
و هذا الطريق الثالث ألطف الطرقات و أدقّها، و هو ينقسم إلى عدّة
أنواع، فمنها بالنّجوم، و منها بالزّجر و الفال و الكهانة، و منها بالفكر و الرويّة
و الاعتبار، و منها بتأويل المنامات، و منها بالخواطر و الوحي و الإلهام، و هذا
أجلّها و أشرفها، و ليس ذلك باكتساب، و لكن موهبة من اللّه، عزّ اسمه، لمن شاء ان
يجتبيه من عباده. فأما علم النّجوم فهو اكتساب من الإنسان و تكلّف منه و جهد و
اجتهاد في تعلّم العلم و طلبه، و هكذا الزجر و الفال، و النظر في الكتف و ضرب
الحصى، و الكهانة و القيافة و العرافة و تأويل المنامات و ما شاكلها، كلّها يحتاج
الإنسان فيها إلى التعلّم و النظر و الفكر و الرويّة و الاعتبار. و هذا الفنّ من
العلم يتفاضل فيه الناس بعضهم على بعض، و كلّ واحد يختصّ بشيء منه.
و اعلم يا أخي ان الكائنات التي يستدل عليها المنجّمون سبعة أنواع،
فمنها الملل و الدّول التي يستدلّ عليها من القرانات الكبار التي تكون في كلّ الف
سنة بالتقريب مرة واحدة؛ و منها ان تنتقل المملكة من أمير إلى أمير، و من أمة إلى
أمة، و من بلد إلى بلد، و من أهل بيت إلى أهل بيت آخر، و هي التي يستدلّ عليها و
على حدوثها من القرانات التي تكون في كلّ مائتين و أربعين سنة مرة واحدة؛ و منها
تبدّل الأشخاص على سرير الملك، و ما يحدث بأسباب ذلك من الحروب و الفتن التي
يستدلّ عليها من القرانات التي تكون في كلّ عشرين سنة مرة واحدة؛ و منها الحوادث و
الكائنات التي تحدث في كلّ سنة من الرّخص و الغلاء و الجدب و الخصب و الحدثان و
البلاء