السّبعة و الاثنا عشر و التسعة مجموعها
ثمانية و عشرون عددا لتكون الموجودات الفاضلة مطابقة للأعداد الفاضلة.
فصل في حكمة اختلاف خواص الكواكب
و أما الحكمة في كون الكواكب السّبعة السيّارة، اثنان منها نيّران، و
اثنان منها سعدان، و اثنان نحسان، و واحد ممتزج؛ و كون البروج الاثني عشر، أربعة
منها منقلبة، و أربعة ثابتة، و أربعة ذوات جسدين؛ و كون العقدتين في خللها،
فالحكمة في ذلك أكثر ممّا يحصى، و لكن نذكر منها طرفا ليكون دليلا على الباقي، و
ذلك أن الباري، سبحانه و تعالى، بواجب حكمته جعل حال الموجودات، بعضها ظاهرا جليّا
لا يخفى، و بعضها باطنا خفيّا لا تدركه الحواسّ. فمن الموجودات الظاهرة الجليّة
جواهر الأجسام و اعراضها و حالاتها. و من الموجودات الباطنة الخفيّة جواهر النفس.
و من الموجودات الظاهرة الجليّة للحواس أيضا أمور الدّنيا. و من الموجودات الباطنة
الخفيّة عن أكثر العقول أمور الآخرة. ثم جعل ما كان منها ظاهرا جليّا دليلا على
الباطن الخفيّ، فمن ذلك النّيّران الشمس و القمر، فإن أحدهما الذي هو القمر دليل
على أمور الدّنيا و حالات أهلها من الزيادة و النّقصان و التغيير و المحاق؛ و
الأخرى التي هي الشّمس دليل على أمور الآخرة و حالات أهلها من التمام و الكمال و
النور و الإشراق.
و من ذلك حال السّعدين المشتري و الزّهرة، فان أحدهما دليل على سعادة
أبناء الدّنيا و هي الزّهرة، و ذلك انها إذا استولت على المواليد دلّت لهم على نعيم
الدّنيا، من الأكل و الشّرب و النّكاح و الميلاد. و من كانت هذه حاله في الدّنيا
فهو من السعداء فيها. و أما المشتري فهو دليل على سعادة أبناء الآخرة، و ذلك انه
اذا استولى على المواليد دلّ لهم على صلاح الأخلاق و صحّة الدّين