حواسّه و تسكين وساوسه، و صعد إلى الفلك،
جوزي هناك بأحسن الجزاء. و يقال إن بطليموس كان يعشق علم النّجوم، و جعل علم
الهندسة سلّما صعد به إلى الفلك، فسمح الأفلاك و أبعادها و الكواكب و أعظامها، ثم
دوّنه في المجسطي، و إنما كان ذلك الصّعود بالنّفس لا بالجسد، و هكذا.
و يحكى عن هرمس المثلّث بالحكمة، و هو إدريس النبيّ، 7،
انه صعد إلى فلك زحل و دار معه ثلاثين سنة، حتى شاهد جميع أحوال الفلك، ثم نزل إلى
الأرض فخبّر الناس بعلم النجوم، قال اللّه تعالى:
«وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا».
و قال أرسطاطاليس في كتاب الثالوجيا شبه الرّمز: اني ربما خلوت بنفسي
و خلعت بدني، و صرت كأني جوهر مجرّد بلا بدن، فأكون داخلا في ذاتي، خارجا عن جميع
الأشياء، فأرى في ذاتي من الحسن و البهاء ما أبقى له متعجّبا باهتا، فأعلم أني جزء
من أجزاء العالم الأعلى الفاضل الشريف ...
و قال فيثاغورس في الوصية الذهبيّة: إذا فعلت ما قلت لك يا ديوجانس،
و فارقت هذا البدن حتى تصير نحلا في الجوّ، فتكون حينئذ سائحا غير عائد إلى
الإنسانية و لا قابل للموت.
و قال المسيح، 7، للحواريّين في وصيّة له: إذا فارقت هذا
الهيكل فأنا واقف في الهواء عن يمنة عرش ربي، و أنا معكم حيثما ذهبتم، فلا
تخالفوني حتى تكونوا معي في ملكوت السماء غدا.
و قال رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم، لأصحابه في خطبة له طويلة:
أنا واقف لكم على الصّراط و إنكم ستردون على الحوض غدا فأقربكم مني
منزلا يوم القيامة من خرج من الدنيا على هيئة ما تركته. ألا لا تغيّروا بعدي، ألا
لا تبدّلوا بعدي. فهذه الحكايات و الأخبار كلّها دليل على بقاء النفس بعد مفارقة
الجسد، و إن الإنسان العاقل اذا استبصرت نفسه في هذه