و إذا بلغت الشّمس آخر القوس و أوّل الجدي تناهى طول النّهار، و أخذ
الليل في الزّيادة، و انصرف الخريف، و دخل الشتاء، و اشتدّ البرد، و خشن الهواء، و
تساقط ورق الأشجار، و مات أكثر النّبات، و انحجرت هوامّ الحيوانات في باطن الأرض،
و ضعفت قوى الأبدان، و عرّي وجه الأرض من زينته، و نشأت الغيوم، و كثرت الأنداء، و
اظلم الهواء، و كلح وجه الأرض، و هرم الزّمان، و منع الناس عن التصرّف، و صارت
الدّنيا كأنها عجوز هرمة قد دنا منها الموت. و إذا بلغت الشّمس آخر الحوت و أول الحمل
عاد الزّمان كما كان في العام الأوّل، و هذا دأبه، ذلك تقدير العزيز العليم.
ذكر دوران زحل في البروج و حالاته من الشمس
زحل يدور في البروج الاثني عشر في كلّ ثلاثين سنة بالتقريب دورة
واحدة، يقيم في كل برج سنتين و نصفا، و في كل درجة شهرا، و في كل دقيقة اثنتي عشرة
ساعة. و تقابله الشّمس في كلّ سنة مرة واحدة، إذا صارت الشّمس في السّابع منه، و
تربّعه مرتين: مرة يمنة و مرة يسرة، و تقارنه في كل سنة مرة، إذا صارت معه في برج
واحد و درجة واحدة، ثم تجاوزه الشّمس و يظهر زحل بعد عشرين يوما من المشرق
بالغدوات قبل طلوع الشّمس، و يسير زحل من وقت مفارقة الشّمس إلى أن تقارنه مرة
أخرى ثلاثمائة و أحدا و ثمانين يوما، من ذلك مائة و ثلاثة و عشرون يوما مستقيما
مشرقا، و مائة و أربعة و ثلاثون يوما راجعا، و مائة و أربعة و عشرون يوما مستقيما
مغربا، و ذلك دأبهما في كل سنة، و فيما يلي مثال ذلك: