وَ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ
النَّفْسِ عَنِ الشَّهَوَاتِ مَا لَمْ تَمْنَعْهَا مِنَ التَّنَعُّمِ
بِالْمُبَاحَاتِ فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا لَمْ تُمْنَعْ بَعْضَ الْمُبَاحَاتِ
طَمِعَتْ فِي الْمَحْظُورَاتِ فمن أراد حفظ لسانه عن الغيبة و الفضول فحقه أن يلزم
السكوت إلا عن المهمات و لا يتكلم إلا بحق فيكون سكوته عبادة و كلامه عبادة لأن
الذي يشتهي به الحلال هو الذي بعينه يشتهي به الحرام فالشهوة واحدة و قد وجب على
العبد منعها عن الحرام فإن لم يعودها الاقتصار على قدر الضرورة في الشهوات غلبته
الشهوة فإن النفس تفرح بالتنعم في الدنيا و تركن إليها و تطمئن بها أشرا و بطرا
حتى تصير ممتلئا به كالسكران الذي لا يفيق من سكره و ذلك أن الفرح بالدنيا سم
قاتل. يسري في العروق فيخرج من القلب الخوف و الحزن و ذكر الموت و أهوال يوم
القيامة قال الله تعالى وَ فَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ مَا الْحَياةُ
الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ[2] و قال تعالى اعْلَمُوا
أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ إلى قوله وَ مَا
الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ[3]