responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 227

أحدهما على الآخر و أطرافها حادة فيجمع الغبار الذي يلحق الحدقة و يرميه إلى طرف الأهداب و خلق الأهداب ليسكنها عند هيجان الغبار فينظر من وراء شباك الأهداب فاشتباكها يمنع دخول الغبار و لا يمنع الأبصار. و أما البعوض فخلق له حدقتين مصقلتين من غير أجفان و علمها كيفية التصقيل باليدين و لأجل إبصارها تراها تتهافت على السراج لأن بصرها ضعيف فتطلب ضوء النهار فإذا رأى المسكين ضوء السراج بالليل ظن أنه في ليل مظلم و أن السراج كوة[1] من الليل المظلم إلى الموضع المضي‌ء فلا يزال يطلب الضوء و يرمى نفسه إليه فإذا جاوزه و رأى الظلام ظن أنه لم يصب الكوة و لم يقصدها على السداد فيعود إليه مرة أخرى إلى أن يحترق و لعلك تظن أن هذا لنقصانها و جهلها فاعلم أن جهل الإنسان أعظم من جهلها بل صورة الآدمي في الإكباب على شهوات الدنيا صورة الفراش في التهافت على النار إذ يلوح للآدمي أبواب الشهوات من حيث ظاهر صورتها و لا يدري أن تحتها السم القاتل فلا يزال يرمي نفسه عليها إلى أن ينغمس فيها و يتقيد بها و يهلك هلاكا مؤبدا فليت كان جهل الآدمي كجهل الفراش فإنها باغترارها بظاهر الضوء إن احترقت تخلصت في الحال و الآدمي يبقى في النار أبد الآباد و مدة مديدة. و لذلك‌

كَانَ النَّبِيُّ ص يُنَادِي وَ يَقُولُ‌ إِنَّكُمْ تَتَهَافَتُونَ عَلَى النَّارِ تَهَافُتَ الْفَرَاشِ وَ أَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ‌[2]

فهذه لمعة من عجائب صنع الله تعالى في أصغر الحيوانات و فيها من العجائب ما لو اجتمع الأولون و الآخرون على الإحاطة بكنهه عجزوا عن حقيقته و لم يطلعوا على أمور جلية من ظاهر صورته فأما خفايا معاني ذلك فلا يطلع عليها إلا الله تعالى. ثم في كل حيوان و نبات أعجوبة و أعاجيب تخصه لا يشاركه فيه غيره فانظر إلى النحل و عجائبها و كيف أوحى الله تعالى إليه حتى اتخذت‌ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَ مِنَ‌


[1] الكوة بفتح الكاف و ضمها: الثقبة في الحائط و الجمع كواء و يجمع بالالف و التاء أيضا.

[2] آخذ بحجزكم اي احميكم عن التهافت و الحجز بضم الحاء معقد الازار.

نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست