نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 215
و هذا يبين حقارة الغني و شرف الفقراء عند الله فكيف يتصور من
المؤمن أن يعجب بثروته بل المؤمن لا يخلو عن الخوف من تقصيره في القيام بحقوق
المال و أخذه من حله و وضعه في حقه و من لا يفعل ذلك فمصيره إلى الخزي و البوار
فكيف يعجب بنفسه و ماله. و أما العاصون من المؤمنين و اغترارهم بقولهم إن الله
كريم و إنا نرجو عفوه و اتكالهم على ذلك و تركهم الأعمال و إهمالهم لها بأن نعمة
الله واسعة و رحمته شاملة و كرمه عميم و أين معاصي العباد في بحار رحمته و إنا
موحدون و مؤمنون و يرجونه بوسيلة الإيمان فما هذا إلا كلام صحيح مقبول في القلوب
غير أن الشيطان يهزأ بهم و يغرهم و يستغويهم لأن الإيمان بمفرده لا ينفع نفعا تاما
إذا كان خاليا من العمل لأن الإيمان يحتاج إلى حقيقة و حقيقته العمل و هو الايتمار
و الانتهاء لأن الإيمان دعوى لا يبين حقيقته إلا بالعمل و هو الايتمار بأوامر الله
و الانتهاء عن نواهيه و قد جاء في قوله تعالى في هذا المعنى آيات كثيرة لا تحصى
مثل قوله تعالى جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ
و هذا هو التمني على الله
غير الشيطان اسمه فسماه رجاء حتى يخدع به الجهال و قد شرح الله الرجاء فقال إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ[1] يعني الرجاء
الذي يليق بهم و هذا لأنه[2] ذكر ثواب
الآخرة أجر و جزاء على الأعمال لقوله تعالى جَزاءً بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ و قال إِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ[3] أ فترى من
استؤجر على إصلاح أواني و شرط له أجرة عليها و كان الشارط كريما يوفي بالوعد مهما
وعد و لا يخلف بل يزيد فجاء الأجير و كسر الأواني و أفسد جميعها ثم جلس ينتظر
الأجرة و زعم أن المستأجر كريم أ فتراه العقلاء في انتظاره متمنيا مغرورا أم راجيا
و هذا للجهل بالفرق بين الرجاء و بين الغرة[4].