نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 212
بيان آفة العجب
اعلم أن آفات العجب[1] كثيرة فإن
العجب تدعو إلى الكبر لأنه أحد أسبابه كما ذكرنا فيتولد من العجب الكبر و من الكبر
الآفات الكثيرة التي لا تخفى هذا مع العباد و أما مع الله تعالى فالعجب يدعو إلى
نسيان الذنوب و إهمالها فبعض ذنوبه لا يذكرها و لا يتفقدها فينساها و ما يتذكر
منها فيستصغرها و لا يستعظمها فلا يجتهد في تداركها و تلافيها بل يظن أنه يغفر له.
و أما العبادات و الأعمال فإنه يستعظمها و يبجح[2] بها و يمن على الله بفعلها و ينسى
نعمة الله عليه بالإحياء و القدرة و التمكين فيها ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها و
من لم يتفقد آفات الأعمال كان أكثر سعيه ضائعا فإن الأعمال الظاهرة إذا لم تكن
خالصة من الشوائب قل ما تنفع و إنما يتفقد من غلب الإشفاق و الخوف عليه دون العجب
و المعجب يغتر بنفسه و يظن أنه عند الله بمكان فيخرجه العجب إلى أن يثني على نفسه
و يحمدها و يزكيها و إن أعجب برأيه و عمله و عقله منع ذلك من الاستفادة و
الاستشارة و السؤال فيستبد بنفسه و رأيه و يستنكف من سؤال من هو أعلم منه و ربما
يعجب بالرأي الخطإ الذي خطر له فيفرح بكونه من خواطره و لا يفرح بخاطر غيره فيصر
عليه و لا يسمع نصح ناصح و لا وعظ واعظ بل ينظر إلى غيره بعين الاستجهال و يصر على
خطاياه فلو اتهم نفسه و لم يثق برأيه و استضاء بنور الإيمان و استعان بعلماء الدين
و واظب على مدارسة العلم و تابع سؤال أهل البصيرة لكان ذلك يوصله إلى الحق فهذا و
أمثاله من آفات العجب فلذلك كان من المهلكات و من أعظم آفاته أن يفتر في السعي و
طلب العلم لظنه أنه قد فاز و استغنى و هو الهلاك الصريح الذي لا شبهة فيه. فما به
العجب أشياء منها العجب ببدنه في جماله و هيئته و صحته و قوته و تناسب أشكاله و
حسن صورته و بالجملة تفضيل خلقه فيلتفت إلى جمال نفسه و ينسى أنه نعمة من الله و
أنه معرض للزوال في كل حال و علاجه ما ذكرناه و هو التفكر في أقذار