نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس جلد : 1 صفحه : 185
و الشفقة أو قصد الإيذاء و التعنت أو يكون كاذبا فإن كان
صادقا فلا ينبغي أن تذمه و تغضب عليه و تحقد بسببه بل ينبغي أن تتقلد منه منة فإن
من أهدى إليك عيوبك فقد أرشدك إلى عيوبك حتى تتقيها فينبغي أن تفرح و تشتغل بإزالة
الصفة المذمومة عن نفسك إن قدرت عليها فإن اغتمامك بسببه و كراهيتك له و ذمك إياه
غاية الجهل و إن كان قصده الإيذاء و التعنت فأنت قد انتفعت بقوله إذا أرشدك إلى
عيبك إن كنت جاهلا به أو ذكرك عيبك إن كنت غافلا عنه أو قبحه في عينك[1] لينبعث حرصك
على إزالته إن كنت قد استحسنته و كل ذلك أسباب سعادتك و قد استفدته منه فاشتغل
بطلب السعادة فقد أتيح[2] لك أسبابها
بسبب ما سمعته من المذمة فمهما قصدت الدخول على ملك و ثوبك ملوث بالعذرة و أنت لا
تدري و لو دخلت عليه كذلك لخفت أن يجز رقبتك لتلويثك مجلسه بالعذرة فقال لك قائل
أيها الملوث بالعذرة طهر نفسك فينبغي أن تفرح به لأن تنبهك بقوله غنيمة و جميع
مساوي الأخلاق مهلكة في الآخرة و الإنسان إنما يعرفها من قول أعدائه فيجب أن
يغتنمه و أما قصد العدو و المتعنت فجناية منه على دين نفسه و هو نعمة منه عليك فلم
تغضب عليه بفعل انتفعت أنت به و استضر هو. الحالة الثالثة أن يفتري عليك بما أنت
بريء منه عند الله تعالى فينبغي أن لا تكره ذلك و لا تشتغل بذمة بل تتفكر في
ثلاثة أمور. أحدها أنك إن خلوت من ذلك العيب فلا تخلو من أمثاله و أخواته و ما
يستر الله من عيوبك أكثر فاشكر الله الذي لم يطلعه على عيوبك و دفعه عنك بذكر ما
أنت بريء منه. و الثاني أن ذلك كفارات[3]
لبقية مساويك و ذنوبك فكأنه رماك بعيب أنت منه بريء و طهرك من ذنوب أنت ملوث بها
و كل من اغتابك فكأنما أهدى إليك حسناته و كل من مدحك فقد قطع ظهرك فما بالك تفرح
بقطع الظهر و تحزن بهدايا الحسنات التي تقربك إلى الله و أنت تزعم أنك تحب القرب
من الله. و أما الثالث فهو أن المسكين جنى على دينه دون دينك حتى سقط من عين الله
[1] في النسخ التي عندنا[ فى عيبك] و الصواب ما
اثبتناه.