responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 161

كثيرة و لو تولاها بنفسه ضاعت أوقاته و تعذر عليه سلوك سبيل الآخرة بالفكر و الذكر الذي هو أعلى مقامات السالكين و من لا مال له افتقر إلى أن يتولى بنفسه خدمة نفسه من شراء الطعام و طبخه و كنسه البيت حتى نسخ الكتاب الذي يحتاج إليه و كلما يتصور أن يقوم به غيرك و يحصل غرضك فأنت مغبون إذا اشتغلت به إذ عليك من العلم و العمل و الفكر و الذكر ما لا يتصور أن يقوم به غيرك فتضييع الوقت في غيره خسران. و اعلم أن الزائد من المال الذي يفضل عما يحتاج إليه من الكفاف يجر إلى المعاصي فإن الشهوات متقاضية و العجز قد يحول بين المرء و المعصية و من العصمة أن لا يقدر و متى كان الإنسان آيسا عن نوع من المعصية لم تتحرك داعيته فإذا استشعر القدرة عليه انبعثت و المال نوع من القدرة يحرك داعيه المعاصي و ارتكاب الفجور فإن اقتحم ما اشتهاه هلك و إن صبر وقع في شدة إذ الصبر مع القدرة أشد و فتنة السراء[1] أشد من فتنة الضراء. النوع الثالث أنه يجر إلى التنعم في المباحات و هذا أقل الدرجات فمتى يقدر صاحب المال أن يتناول خبز الشعير و يلبس الثوب الخشن و يترك لذائذ الأطعمة كما كان يقدر عليه سليمان ع في ملكه و أحسن أحواله أن يترك التنعم بالدنيا لما يعلم من سرعة انقضائها لئلا يمرن عليه نفسه فيصير التنعم مألوفا عنده و محبوبا إليه لا يصبر عنه و يجره البعض منه إلى البعض و إذا اشتد أنسه به ربما لا يقدر على التوصل إليه بالكسب الحلال فيقتحم الشبهات و يخوض في المراءاة و المداهنة و الكذب و النفاق و سائر الأخلاق المردية لينتظم له أمر دنياه و تيسر له تنعمه فإن من كثر ماله كثرت حاجته إلى الناس و من احتاج إلى الناس فلا بد أن ينافقهم و يعصى الله في طلب رضاهم فإن سلم الإنسان من مباشرة المحظورات فلا يسلم عن هذا أصلا و من الحاجة إلى الخلق تثور العداوة و الصداقة و يبتني عليه الحسد و الحقد و الرياء و الكبر و الكذب و الغيبة و النميمة و سائر المعاصي التي تخص القلب و اللسان و لا


[1] السراء: رغد العيش. و الضراء نقيضه كالشدة نقيض الرخاء.

نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست