مِثَالٌ آخَرُ فِي نِسْبَةِ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا كَمَثَلِ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ فِي الْيَمِّ يَنْظُرُ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ
مثال آخر للدنيا و أهلها في اشتغالهم بنعيم الدنيا و غفلتهم عن الآخرة و حسراتهم العظيمة بسببها
اعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الدُّنْيَا فِي غَفْلَتِهِمْ كَسَكْرَانَ الْتَذَّ بِشُرْبِهِ وَ خَاصَمَ مَنْ بِحَضْرَتِهِ عَلَى أَمْرٍ فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ سُكْرِهِ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ وَ كَذَلِكَ الْإِنْسَانُ فِي الدُّنْيَا سَكْرَانُ فَإِذَا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَدِمَ عَلَى مَا فَرَّطَ مِنْهُ
قَوْلُهُ ص[1] النَّاسُ نِيَامٌ فَإِذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا
مثال آخر لاغترار الخلق بالدنيا و ضعف إيمانهم بقول الله تعالى و تحذيره إياهم غوائل الدنيا
بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص قَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّمَا مَثَلِي وَ مَثَلُكُمْ وَ مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَلَكُوا مَفَازَةً غَبْرَاءَ حَتَّى إِذَا لَمْ يَدْرُوا مَا سَلَكُوا مِنْهَا أَكْثَرُ أَمْ مَا بَقِيَ أَنْفَدُوا الزَّادَ وَ خَسِرُوا الظَّهْرَ وَ بَقُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمَفَازَةِ لَا زَادَ وَ لَا حَمُولَةَ فَأَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فِي حُلَّةٍ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً فَقَالُوا هَذَا قَرِيبُ عَهْدٍ بِرِيفٍ[2] وَ مَا جَاءَكُمْ هَذَا إِلَّا مِنْ قَرِيبٍ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ قَالَ يَا هَؤُلَاءِ قَالُوا يَا هَذَا قَالَ عَلَى مَا أَنْتُمْ فَقَالُوا عَلَى مَا تَرَى قَالَ أَ رَأَيْتُكُمْ إِنْ هَدَيْتُكُمْ إِلَى مَاءٍ رَوَاءٍ وَ رِيَاضٍ خُضْرٍ مَا تَعْمَلُونَ قَالُوا لَا نَعْصِيكَ شَيْئاً قَالَ أَعْطُونِي عُهُودَكُمْ وَ مَوَاثِيقَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطَوْهُ عُهُودَهُمْ وَ مَوَاثِيقَهُمْ بِاللَّهِ لَا يَعْصُونَهُ شَيْئاً قَالَ فَأَوْرَدَهُمْ مَاءً رَوَاءً وَ رِيَاضاً خُضْراً فَمَكَثَ فِيهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ الرَّحِيلَ قَالُوا إِلَى أَيْنَ قَالَ إِلَى مَاءٍ لَيْسَ كَمَائِكُمْ وَ إِلَى رِيَاضٍ لَيْسَ كَرِيَاضِكُمْ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ وَ اللَّهِ مَا وَجَدْنَا هَذَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّا لَا نَجِدُهُ وَ مَا نَصْنَعُ بِعَيْشٍ خَيْرٍ مِنْ هَذَا قَالَ وَ قَالَتْ طَائِفَةٌ وَ هِيَ أَقَلُّهُمْ أَ لَمْ تُعْطُوا هَذَا الرَّجُلَ عُهُودَكُمْ وَ مَوَاثِيقَكُمْ بِاللَّهِ أَنْ لَا تَعْصُوهُ شَيْئاً وَ قَدْ صَدَقَكُمْ فِي أَوَّلِ حَدِيثِهِ وَ اللَّهِ لَيَصْدُقَنَّكُمْ فِي آخِرِهِ فَرَاحَ فِيمَنِ اتَّبَعَهُ وَ تَخَلَّفَ بَقِيَّتُهُمْ فَبَدَرَ بِهِمْ عَدُوٌّ فَأَصْبَحُوا بَيْنَ أَسِيرٍ وَ قَتِيلٍ
[1] الظاهر أن هنا تقدير امثل أن يكون« و من الشواهد» قوله او قوله« سندنا» و غير ذلك.
[2] الريف- بالكسر- ارض فيها زرع و خصب.