responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 147

مثال آخر للدنيا و عيوب الإنسان‌[1] بها

اعْلَمْ أَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةٌ حَالَةٌ لَمْ تَكُنْ فِيهَا شَيْئاً وَ هِيَ مَا قَبْلَ وُجُودِكَ إِلَى الْأَزَلِ وَ حَالَةٌ لَا تَكُونُ فِيهَا مُشَاهِداً وَ هِيَ بَعْدَ مَوْتِكَ إِلَى الْأَبَدِ وَ حَالَةٌ بَيْنَ الْأَزَلِ وَ الْأَبَدِ وَ هِيَ أَيَّامُ حَيَاتِكَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرْ إِلَى مِقْدَارِ طُولِهَا وَ النِّسْبَةِ إِلَى طَرَفَيِ الْأَزَلِ وَ الْأَبَدِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ مَنْزِلٍ قَصِيرٍ فِي شَوْطٍ طَوِيلٍ‌

و لذلك‌

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص‌ مَا لِي وَ لِلدُّنْيَا إِنَّمَا مَثَلِي وَ مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رَاكِبٍ سَارَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ‌[2] فَرُفِعَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فَقَالَ‌[3] تَحْتَ ظِلِّهَا سَاعَةً ثُمَّ رَاحَ‌

و من رأى الدنيا بهذه العين لم يركن إليها و لم يبال كيف انقضت أيامه في ضر و ضيق أو في سعة و رفاهية بل لا يبني لبنة على لبنة

تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَا وَضَعَ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَ لَا قَصَبَةٍ عَلَى قَصَبَةٍ وَ رَأَى بَعْضَ الصَّحَابَةِ يَبْنِي بَيْتاً مِنْ جِصٍّ فَقَالَ مَا أَرَى الْأَمْرَ إِلَّا أَعْجَلَ مِنْ هَذَا وَ أَنْكَرَ ذَلِكَ‌[4]

وَ إِلَى هَذَا أَشَارَ عِيسَى ع حَيْثُ قَالَ‌ الدُّنْيَا قَنْطَرَةٌ فَاعْبُرُوهَا وَ لَا تَعْمُرُوهَا

و هو مثال واضح فإن حياة الدنيا معبر الآخرة و المهد هو المثل الأول على رأس القنطرة و اللحد هو المثل الثاني و بينهما مسافة محدودة فمن الناس من قطع نصف القنطرة و منهم من قطع ثلثها و منهم من قطع ثلثيها و منهم من لم يبق إلا خطوة واحدة و هو غافل عنها و كيف ما كان لا بد من العبور مثال آخر للدنيا في لين مأخذها و خشونة مصدرها اعلم أن أوائل أمور الدنيا تبدو لينة يظن الخائض فيها أن حلاوة حفضها[5] كحلاوة الخوض فيها و هيهات فالخوض في الدنيا سهل و لكن الخروج منها مع السلامة شديد

وَ قَدْ كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رض بِمِثَالِهَا


[1] في بعض النسخ‌[ الناس‌].

[2] الصائف: الحار و منه قولهم: صيف صائف.

[3] قال- بقيل قيلا و قائلة و قيلولة و مقالا و مقيلا- نام في القائلة و هو منتصف النهار.

[4] في النسخة المطبوعة[ و أنكر من ذلك‌] فيحتمل كون انكر للتفضيل.

[5] حفضه بالحاء المهملة و الضاد المنقوطة: ألقاه و طرحه. و في النسخة المطبوعة بالظاء و هو اشتباه كما يشهد به قوله: و الخروج منها فان طرحها يناسب الخروج منها بخلاف الحفظ لها

نام کتاب : مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) نویسنده : ورّام بن أبي فراس    جلد : 1  صفحه : 147
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست