بِغَيْرِ تَعَلُّمٍ وَ هُدًى بِغَيْرِ هِدَايَةٍ إِلَّا أَنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي قَوْمٌ لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمُ الْمُلْكُ إِلَّا بِالْقَتْلِ وَ التَّجَبُّرِ وَ لَا الْغِنَى إِلَّا بِالْفَخْرِ وَ الْبُخْلِ وَ لَا الْمَحَبَّةُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى أَلَا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ مِنْكُمْ فَصَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْغِنَى وَ صَبَرَ عَلَى الْبَغْضَاءِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَ صَبَرَ عَلَى الذُّلِّ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْعِزِّ لَا يُرِيدُ بِذَلِكَ إِلَّا وَجْهَ اللَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ ثَوَابَ خَمْسِينَ صِدِّيقاً
وَ رُوِيَ أَنَّ عِيسَى ع اشْتَدَّ بِهِ الْمَطَرُ وَ الرَّعْدُ وَ الْبَرْقُ يَوْماً فَجَعَلَ يَطْلُبُ شَيْئاً يَلْجَأُ إِلَيْهِ فَرُفِعَتْ لَهُ خَيْمَةٌ مِنْ بَعِيدٍ فَأَتَاهُ فَإِذَا فِيهَا امْرَأَةٌ فَحَادَّ[1] عَنْهَا فَإِذَا هُوَ بِكَهْفٍ فِي جَبَلٍ فَأَتَاهُ فَإِذَا فِيهِ أَسَدٌ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ إِلَهِي لِكُلِّ شَيْءٍ مَأْوَى فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ مَأْوَاكَ فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِي وَ عِزَّتِي لَأُزَوِّجَنَّكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِائَةَ حُورِيَّةٍ خَلَقْتُهَا بِيَدِي وَ لَأُطْعِمَنَّ فِي عُرْسِكَ أَرْبَعَةَ آلَافِ عَامٍ يَوْمٌ مِنْهَا كَعُمُرِ الدُّنْيَا وَ لآَمُرَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي أَيْنَ الزُّهَّادُ فِي الدُّنْيَا زُورُوا عُرْسَ الزَّاهِدِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
قَالَ عِيسَى ع وَيْلٌ لِصَاحِبِ الدُّنْيَا كَيْفَ يَمُوتُ وَ يَتْرُكُهَا وَ يَأْمَنُهَا وَ تَغُرُّهُ وَ يَثِقُ بِهَا وَ تَخْذُلُهُ وَيْلٌ لِلْمُغْتَرِّينَ كَيْفَ رَهَقَهُمْ مَا يَكْرَهُونَ وَ فَارَقَهُمْ مَا يُحِبُّونَ وَ جَاءَهُمْ مَا يُوعَدُونَ وَيْلٌ لِمَنِ الدُّنْيَا هَمُّهُ وَ الْخَطَايَا أَمَلُهُ كَيْفَ يَفْتَضِحُ غَداً عِنْدَ اللَّهِ
وَ قِيلَ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى ع يَا مُوسَى مَا لَكَ وَ لِدَارِ الظَّالِمِينَ إِنَّهَا لَيْسَتْ لَكَ بِدَارٍ أَخْرِجْ مِنْهَا هَمَّكَ وَ فَارِقْهَا بِعَقْلِكَ وَ بِئْسَتِ الدَّارُ هِيَ إِلَّا لِلْعَامِلِ فِيهَا فَنِعْمَتِ الدَّارُ هِيَ يَا مُوسَى إِنِّي مُرْصِدٌ لِلظَّالِمِ حَتَّى آخُذَ مِنْهُ لِلْمَظْلُومِ
وَ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَجَاءَهُ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتِ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَوْا[2] صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا صَلَّى ص انْصَرَفُوا فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص ثُمَّ قَالَ أَظُنُّكُمْ أَنَّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَبْشِرُوا وَ أَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَ اللَّهِ مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَ لَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ لَكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ
[1] حاد يحيد إذا عدل عنه.
[2] الموافاة: الإتيان بمفاجاة.