و هذا فاسد لأنهم كانوا
يذكرون ذلك بحاجتهم إلى الأحوال بالسؤال و لم يكن غرضهم التنقص و الدليل عليه
إجماع الأمة أن من ذكر غيره بما يكره فهو مغتاب لأنه داخل فيما ذكر رسول الله ص في
حد الغيبة فكل هذا و إن كنت صادقا فيه فأنت به مغتاب عاص لربك و آكل لحم أخيك
بدليل
اعلم أن الذكر للغيبة
باللسان حرام جدا لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيك و تقريعه[3] بما يكرهه فأما التعريض فيه فهو
كالتصريح و الفعل فيه كما تقول بالغمز و الرمز و الحركة و كلما يفهم فهو داخل في
الغيبة و هو حرام
و من ذلك المحاكاة و
غيرها من أمارات الغيبة و مثل ذلك أن يذكر عنده إنسان فيقول الحمد لله الذي لم
يبتلنا بالدخول على السلطان و التبذل في طلب الحطام أو تقول نعوذ بالله من قلة
الحياء نسأل الله أن يعصمنا منه و إنما قصده أن يفهم الناس عيب الغير فيذكر بصيغة
الدعاء و كذلك يقدم مدح من يريد غيبته فيقول ما أحسن أحوال فلان ما كان يقصر في
العبادات و لكن قد اعتراه فتور و ابتلي بما يبتلى به كلنا و هو قلة الصبر فيذكر
نفسه و مقصوده أن يذم غيره و إنما مدح نفسه بالتشبه بالصالحين في ذم أنفسهم فيكون
مغتابا و مرائيا و مزكيا نفسه يجمع بين ثلاث فواحش و هو يظن بجهله أنه من الصالحين
المتعففين عن الغيبة و كذلك