و أورد عليه:
أنّ أقصى ما يلزم منه عدم تمكّن البشر من وضع العلم له- جلّ شأنه- لا ما هو
المدّعى من أنّه ليس له- سبحانه- علم؛ و قد صحّ أنّ أسماءه تعالى توقيفيّة، فيجوز
أن يضع هو لذاته المقدّسة علما؛ على أنّ القول بعدم تمكّن البشر من وضع العلم محلّ
كلام؛ إذ يكفي في وضع الاسم تعقّل المسمّى بوجه يمتاز به عمّا عداه.
و لقائل أن
يقول: إنّ غرض المستدلّ أنّ وضع العلم لخصوصيّة الذات المقدّسة لا يليق بالحكمة؛
لجريانه مجرى العبث؛ لأنّ الغرض من الوضع هو التفهيم و التفاهم، لكنّ الدلالة على
الذات المقدّسة بالعلم- بحيث يفهم منه المعنى العلمي- غير ممكنة؛ و إحضار المسمّى
بشخصه في ذهن السامع عند إطلاق العلم ممّا لا سبيل إليه فيما نحن فيه؛ فإنّا معاشر
البشر لا يخطر ببالنا عند سماع العلم نفس الموضوع له، أعني «الذات المقدّسة» أصلا؛
لتقدّسها عن التلوّث بالحضور على وجه التشخّص في أذهاننا؛ بل لا نعقله[2]-
جلّ شأنه- إلّا بصفات و سلوب و إضافات يمكننا فهم معانيها.
و الظاهر[3]
أنّ هذا ليس مختصّا بنا؛ بل الملائكة أيضا مشاركون لنا في القصور عن إدراك المعنى
العلمي؛ فقد ورد في الحديث: «إنّ الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار، و
إنّ الملاء الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم»[4].
و أمّا حكاية
تمكّن البشر من وضع العلم للذات المقدّسة فلا يخفى ما فيه؛ فإنّها
[1]. في هامش« ق» و« ش»:« مبنى هذا الاستدلال على ما
اشتهر من أنّ العلم ما وضع للذات مع جميع المشخّصات»( منه ;).