و نظير هذا انّ
رجلا من فضلاء اصفهان صنّف كتابا فلم يشتهر و لم يكتبه احد فسأله رجل من العلماء
لم لا يشتهر كتابك؟ فقال: انّ له عدوا فاذا مات اشتهر كتابي، فقال له و ما هو؟
قال:
انا و قد صدق
في هذا الكلام، و بقيت في شيراز تسع سنوات تقريبا و قد اصابني فيها من الجوع و
التعب ما لا يعلم به الا اللّه، و في خاطري انّي قد بقيت يوم الأربعاء و الخميس ما
وقع في يدي الّا الماء فلمّا اتت ليلة الجمعة رأيت الدنيا تدور ب و قد اسودت كلها
في عيني فمضيت الى قبة السيد احمد بن الأمام موسى الكاظم فأتيت الى قبره و لزمته و
قلت له: انا ضيفك فكنت واقفا فاذا رجل سيّد قد اعطاني قوت تلك الليلة من غير طلب
فحمدت اللّه و شكرته و مع ما كنت فيه من الجدّ و الأجتهاد كنت كثيرا ما اتنزه في
البساتين و الأماكن الحسنة مع الأصحاب و الأعلام و في وقت الورودات نمضي الى
البساتين و نبقى فيها اسبوعا و اقل و اكثر و لكن الأشتغال ما كنت افوته من يدي و
قد منّ اللّه عليّ في شيراز بأصحاب صلحاء نجباء علماء و كانوا موافقين لي في السن.
و من جملة
رياضاتي للدرس انّ صاحبا لي كان منزله في طرف شيراز و كنت ابات عنده لأجل دهن
السراج حتّى اطالع و كان لي درس اقرأه على ضوء سراج آخر الليل في مسجد الجامع و هو
في طرف آخر من البلاد، و اقوم من هناك و قد بقي من الليل بقية كثيرة و معي عصا و
بين ذلك المنزل و بين المسجد اسواقا كثيرة و في آخر الليل و ليس في شيء منها سراج
بل كلها مظلمة و الداهية العظيمة انّ عند كل دكان بقال كلب يقرب من العجل لحراسة
ذلك الدكان، و كنت أجيء وحدي من ذلك المكان البعيد فاذا وصلت الى السوق لزمت
جداره حتى اهتدي الى الطريق و اذا وصلت الى دكان البقال شرعت في قرائة الأشعار
جهرا حتّى لا يظن الكلب اني سارق بل كان يظن يظن انّنا جماعة عابرين الطريق، و كنت
عند كل دكان احتال على الكلب بحيلة حتى اخلص منه و بقيت على هذا برهة من الزمان و
كنت في مدرسة المنصورية و حجرتي فوق و لا كنت احبّ احد يجيء اليّ و لا يمشي الى
قريب منها و كنت احبّ الأنفراد و الوحدة و بقيت على هذه الأحوال تلك المدة.
ثمّ كاتبني
والدي و والدتي و ألحوا عليّ في الوصول الى الجزائر فمضيت اليهم انا و اخي سنة موج
الجزائر الأخير لأن الموج الأول موج عواد فلمّا وصلنا الى الأهل فرحوا بنا لقدومنا
و لأن كل من مضى من تلك البلاد رجع من غير علم فقالت والدتي: ينبغي ان تتزوجا حتى
ارضا عنكما فقلت انّ علم الحديث و الفقه قد بقي علينا قرائته فقالت: لا بد ان
تتزوجا و كان الحامل لها على