عندي دهن سراج للمطالة،
فأخذت غرفة عالية و جلست بها و كان بها ابواب متعددة فكنت اذا اضاء القمر فتحت
كتابي للمطالعة، و كلما دار القمر فتحت بابا من الأبواب و بقيت على هذه الحالة
مدّة سنتين فضعف بصري فهو ضعيف الى هذا الآن.
و كان لي درس
اكتب حواشيه بعد صلاة الصبح في وقت الشتاء و كان الدم يجري من يدي من شدة البرد و
كنت لا اشعر به، و هكذا كانت الأحوال الى ثلاث سنوات فشرعت في تأليف مفتاح اللبيب
على شرح التهذيب في علم النحو و متنه من مصنفات شيخنا بهاء الدين محمد تغمده اللّه
برحمته، و كتبت في ذلك الوقت شرحا على الكافية فقرأت علوم العربية عند رجل فاضل من
اهل بغداد، و الأصول عند رجل محقق من الأحساء و المنطق و الحكمة عند المحققين
المدققين شاه ابي الولي و ميرزا ابراهيم و علم القرائة عند رجل فاضل من اهل
البحرين، و كنا جماعة نقرأ عند الشيخ الجليل الشيخ جعفر البحراني و كنت انا اسمع
ذلك الدرس بقرائة غيري فاذا اتيت الى ذلك الشيخ فكلّ من يجلس قبل يقول له: أقرأ
حتّى يجلس القاري و كان يشجعنا على الدرس و على فهم معناه من المطالعة، و يقول
لنا: انّ الأستاذ انما هو للتيمن و التبرك و الّا ففهم الدرس و تحقيق معناه انما
هو من مطالعة التلميذ.
و قد اتفق انّه
جاءنا خبر فوت جماعة من اعمامنا و أقاربنا فجلسنا في ذلك اليوم في عزائهم و مارحنا
الى الدرس فسأل عنا و قيل لهكانهم اهل مصيبة فمضينا الى الدرس اليوم الثاني فلم
يرض ان يدرسنا و قال: لعن اللّه ابي و امي ان درستكم كيف ما جئتم امس الى الدرس
فحكينا له، فقال: كان ينبغي ان تجيئوا الى الدرس فاذا اقرأتموه انصرفتم الى عزائكم
هذا ابوكم يأتيكم ايضا خبر فوته فتقطعون الدرس فحلفنا له انّ لا نقطع الدرس يوما
واحدا و لو اصابنا ما أصابنا فقبل ان يدرسنا بعد مدّة و اتفق انّنا كنا نقرأ عنده
في اصول الفقه في شرح العميدي فاتفقت فيه مسئلة لا تخلو من اشكال فقال لنا و نحن
جماعة طالعوها هذه الليلة فاذا اتيتم غدا فكل من عرفها يركب صاحبه و يحمله من هذا
المكان الى ذلك المكان فلمّا اتينا اليه غدا و قرر اصحابي تلك المسئلة قال لي:
تكلم انت فتكلمت فقال: هذا هو الصواب و كلّما قال الجماعة غلط فقال لي: امل عليّ
ما خطر بخاطرك حتّى اكتبه حاشية على كتابي فكنت انا املي عليه و هو يكتب فلمّا فرغ
قال لي:
اركب على ظهر
واحد واحد من اصحابك الى هناك فحملوني الى ذلك المكان و هذا كان حاله فأخذني ذلك
اليوم معه الى بيته و قال لي: هذه ابنتي اريد ان أزوّجك بها فقلت: ان شاء اللّه
تعالى اذا توسعت في طلب العلم فاتّفق انّه سافر الى الهند و صار مدار حيدر آباد
عليه و قد سألته يوما عن تفسير شيخنا الشيخ عبد علي الحويزي الّذي الفّه من
الأخبار فقال لي: ما دام الشيخ عبد علي حيّا فتفسيره لا يساوي قيمة فلس فاذا مات
فاول من يكتبه بماء الذهب انا ثم قرأ: