اعلم ان العرش
في اصطلاح الحكماء و متابعيهم هو الفلك التاسع كما عرفت، و هو المحيط بكل
المخلوقات و ليس فوقه شيء و لذا سموه محدد الجهات و منتهى الاشارة، و اما في
اصطلاح اهل الشرع، فيقال على معان:
اولها علم
اللّه عز و جل المحيط بكل شيء كاحاطة العرش الحسي بكل المخلوقات كما روينا في
الاحاديث عن الصادق 7 في قول اللّه عز و جل وَسِعَ
كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ، فقال السموات و الارض و ما بينهما في
الكرسي، و العرش هو العلم الذي لا يقدر احد قدره، هذا العرش هو المراد من قوله
سبحانه وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فزقهم
يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ فقد روى ان الثمانية الذين يحملون هذا العرش يوم القيامة
اربعة من الاولين و اربعة من الاخرين فاما الاولون فهم نوح و ابراهيم و موسى و
عيسى، و اما الاخرون فهم محمد 6 و علي و الحسنان عليهم
السّلام لانهم عن حمل العرش بمعنى الجسم المخصوص في شغل شاغل، و قال الصدوق (ره)
في الاعتقادات و انما صار هؤلاء حملة العلم لان الانبياء الذين كانوا قبل نبينا
6 كانوا على شرائع الاربعة نوح و ابراهيم و موسى و عيسى، و عن
قبل هؤلاء صارت العلوم اليهم و كذلك صار العلم من بعد محمد 6
لعلي و ابنيه.
و ثانيها الملك
كما رواه ابن سدير قال سألت ابا عبد اللّه 7 عن العرش و الكرسي فقال ان
للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب و وضع في القرآن صفة على حدة فقوله رب
العرش العظيم يقول الملك العظيم.
و ثالثها عالم
الامكان و هو ما سوى اللّه سبحانه، روى في تفسير قوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَى
الْعَرْشِ اسْتَوى، قال على كل شيء فليس شيء اقرب اليه من شيء و ذلك ان عرش
السلطان هو محل جلوسه و مظهر عظمته، و هنا كل ذرة من ذرات المخلوقات فيها من
الشواهد على غرائب صنعه و ظهور قدرته ما لا يدخل تحت العدّ و الاحصاء.
و في كل شيء له آية
تدلّ على انه واحد
فكل مخلوق عرش
له تعالى
و رابعها صفات
الجلال و الاكرام فانها مظهر قدرته و اسباب عظمته.
و خامسها قلوب
عباده المؤمنين فان كل قلب منها عرش لمحل معرفته و معدن عظمته، و في الحديث القدسي
لا تسعني ارضي و لا سمائي و لكن وسعني قلب عبدي المؤمن و من هذا روى ان