نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 93
تطلب أمامك، و إذا وصل إلى البقاء نادته
هواتف العلوم الغيبية وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً
[طه: 114]، و قد قال 7: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك[1]». أو تقول: إذا كشف للمريد عن
الفناء في الاسم و ذاق حلاوة العمل، و الذكر و أرادت همته أن تقف معها، نادته
هواتف حقائق الفناء في الذات الذي تطلب أمامك، فإذا ترقى إلى مقام الفناء في الذات
و ذاق حلاوته، و لم يتمكن و قنع بذلك، و أرادت همته أن تقف مع ذلك، نادته هواتف
حقيقة التمكين الذي تطلب أمامك، و إذا تمكن و لم يطلب زيادة الترقي نادته هواتف
الترقي الذي تطلب أمامك، و هكذا كل مقام ينادي على ما قبله:
يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ [الأحزاب: 13]، و إذا «تبرجت»
أي ظهرت بزينتها و حللها للسالك أو للعارف ظواهر المكونات بخرق عوائدها، و
انقيادها له و تصرفه فيها بهمته، كالمشي على الماء و الطيران في الهواء و نبع
الماء و جلب الطعام و غير ذلك من الكرامات الحسية، و أرادت همة السالك أن تقف مع
ظواهرها، و تشتغل بحلاوة حسها، نادته هواتف المعاني الباطنة[2]:
إنما نحن فتنة لك نختبرك، هل تقنع بها دون معرفة مالكها و منشئها المتجلي فيها؟ أو
تعرض عنها و تنفذ إلى نور معانيها و شهود مالكها و مجريها؟ لا تكفر و تجحد المتجلي
بها، فتنكره فتكون من الجاهلين. و قد ضرب الساحلي في البغية مثلا لهذه المقامات و
السير فيها، فقال مثل ذلك كملك ظهر بالمشرق مثلا و أرسل لنا رسلا بكتاب من عنده،
فقرءوا علينا كتاب الملك، و شوقونا إليه غاية التشويق بذكر كرمه و محاسنه، فمن
الناس من أعرض عن طاعته، و الانقياد إليه و هم الكفار، و من الناس من قبل و آمن و
لم يقدر على النهوض إلى حضرة الملك، و هم عوام المسلمين ضعفاء المحبة و اليقين، و
من الناس من تشوق للملك و نهض إلى حضرته،