نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 586
و قال أحمد بن أبي الحواري رضي اللّه تعالى
عنه: لا دليل على اللّه سواه، و إنما يطلب العلم لأدب الخدمة انتهى. و كما لا دليل
عليه غيره كذلك لا هادي إليه سواه، كما قال: فاهدني بنورك إليك: أي اهدني بنور
التوجه في حالة سيري إليك، و بنور المواجهة بعد وصولي إليك، و أقمني بصدق العبودية
بين يديك حتى نتحقق بالوصول إليك، فنرجع إلى رسم العبودية في عين شهود أنوار
الربوبية: وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
[البقرة: 105]، هنالك تفيض العلوم اللدنية و الأسرار الربانية، كما أبان ذلك بقوله
في المناجاة الثانية و العشرين:
365- إلهي علمني من علمك المخزون، و صني بسر اسمك المصون.
قلت: العلم المخزون هو العلم الموهوب الذي يفيض على القلوب من حضرة
علام الغيوب، لا ينال بحيلة و لا اكتساب، و لا يؤخذ من دفتر و لا كتاب، و إنما
يعطي من حضرة الكمال مع حكمة صحبة الرجال أو بمحض الفضل و النوال.
و في الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم أنه قال: «إنّ
من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء باللّه تعالى، فإذا نطقوا به لا
ينكره إلا أهل الغرّة باللّه[1]» انتهي. و
هي أسرار الربوبية التي أخفاها اللّه عن خلقه، و لم يطلع عليها إلا خواص أوليائه،
فإذا نطقوا بها مع غير أهلها ردوا عليهم، و ربما أباحوا دماءهم. و منها الاطلاع
على أسرار القدر و عجائب المغيبات. و منها الاطلاع على مفاتح العلوم و مخازن
الفهوم، فيستخرجون بنتائج أفكارهم من درر الحكم و يواقيت العلم، ما تكلّ عنه
الألسن، و تعجز عن حمله العقول. قال أبو بكر الواسطى في قوله تعالى: وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ [آل عمران: 7] هم الذين رسخت أرواحهم في غيب الغيب و في سر السر
فعرّفهم ما عرّفهم