responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 583

بحر الوحدة و الغيبة عن السوي بالكلية إلى سماء الحقوق و أرض الحظوظ، فينزلون إلى سماء الحقوق أدبا مع الربوبية، و قياما بحقوق العبودية، و إلى أرض الحظوظ أدبا مع الحكمة و إظهارا لوظائف العبودية. و مثال الأول و هو النزول إلى سماء الحقوق، ما يلزم العبد من العبادات البدنية أو المالية مؤقتة أو غير مؤقتة. و مثال الثاني و هو النزول إلى أرض الحظوظ، ما تفتقر إليه البشرية من مأكل و مشرب و ملبس و منكح و غير ذلك من الأمور الحاجية؛ و قد أمر اللّه تعالى بهما ليتميز سر الربوبية من سر العبودية، أو ليظهر استغناء الربوبية بافتقار العبودية، فطلب الشيخ رضي اللّه تعالى عنه أن يرده إليها بعد أن كان رحل عنها بهمته بكسوة الأنوار و هي أنوار الشهود، فيكون رجوعه إلي الأثر باللّه غائبا عن حظه و هواه، و قد كان قبل أن يرحل عنها يتعاطاها بنفسه بعد متعته و حظه، فلما عرف الحق غاب عن نفسه، فإذا رجع إلي رسم بشريته رجع إليه باللّه، قد كساه أنوار الشهود عن الالتفات إلى سواه، و طلب أيضا أن يكون رجوعه إلى الآثار متلبسا بهداية الاستبصار، و هي تحقيق المعرفة في الأشياء التي يتعاطاها كانت عبادات أو عادات، فلا يسرقه فيها طبع و لا حس، بل يدخل فيها باللّه و من اللّه و إلى اللّه، و يخرج منها كذلك و هو معنى قوله: حتى أرجع إليك منها: أي حتى تكون تلك الأشياء هي التي تردني إليك حين نعرفك فيها و نشاهد عظمتك و نور جبروتك فيها، إذ الوجود كله مستمد من بحر جبروتك.

فالعارف يشرب من كل شي‌ء، و يتقوت من كل شي‌ء، يأخذ النصيب من كل شي‌ء و لا ينقص من نوره شي‌ء. فتحصل أن كسوة الأنوار هي دخوله في العبادات و في العادات باللّه لا بنفسه. و هداية الاستبصار: هي معرفته في تلك الآثار التي نزل إليها و رجع لها. و قوله: كما دخلت إليك منها، معناه أنه كان مع الأكوان و هي حاجبة له عن شهود المكوّن، فلما عرف فيها كان دخوله على اللّه منها، و هذا كما قال شيخ شيوخنا المجذوب رضي اللّه تعالى عنه:

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 583
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست