نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 576
فلهذا تعجب الشيخ رحمه اللّه من تضاد
الطالبين لأنه خارج عن مقدور البشر، و لكن لما كان الإنسان نسخة الوجود، و أشرف كل
موجود، أودع فيه من أسرار حكمته ما يؤلف بين الضدين، و يجمع بين الكفؤين قال تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ
[الرحمن: 19، 20]. فمن ظهر أثر البرزخية على جوارحه عمل أعمال الدنيا و أعمال
الآخرة، و من ظهر أثر البرزخية على قلبه جمع بين آمال الآخرة و مشاهدة الحضرة، و
أشرق نورها عليه، و من ظهر أثر البرزخية على روحه جمع بين المشاهدة و المحبة، ثم
قال:
و اعلم أن الأجسام تموت و تبعث و تنشر، و كذلك النفوس و الأرواح،
فأما موت الأجسام فهو عند الخروج من الدنيا و تبدل القصور بالقبور، و أما موت
النفوس فهي عند الخروج من الحظوظ و تبدلها بالحقوق، و أما موت الأرواح فهو رجوعها
لعالمها النوراني، صفحة الملأ الأعلى على الهاجس النفساني، فإذا لم يبق للنفس نظر
إلا للّه، و لا للروح تعلق إلا باللّه، و فني من لم يكن، و بقي من لم يزل انجمع
الظاهر بالباطن، و الباطن بالظاهر، و تعينت المشاهدة من كل وجهة، و خوطب من سوى
الحق بقوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [و
حينئذ يهتف هاتف التجريد من مقام التفريد لِمَنِ
الْمُلْكُ الْيَوْمَ فلم يجبه من عوالم البشرية و الصور
الأثرية مجيب، فيجيب نفسه بنفسه اللَّهُ الْواحِدُ
الْقَهَّارُ انتهى. و المراد منه مختصرا: و إنما أمر اللّه تعالى بالطاعة و
العزم عليها لأنها سبب الوصول إليه حسبما جعلها الحق تعالى حكمة و شريعة، كما بين
ذلك في المناجاة السابعة عشرة بقوله:
360- إلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار، فاجمعني عليك بخدمة
توصلني إليك.
قلت: التردد في الآثار هو التردد بين إثباته و نفيه و هي حالة
المستشرفين، فإذا
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 576