responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 499

ألف شهر، و قد قال بعض العلماء: كل ليلة للعارف بمنزلة ليلة القدر انتهى منه، فالبركة في العمر هي إدراك الأمداد العظيمة في الآماد القليلة كما تقدم، و كما بينه بقوله:

260- من بورك له في عمره أدرك في يسير من الزمان من منن اللّه تعالى ما لا يدخل تحت دوائر العبارة، و لا تلحقه الإشارة.

قلت: ليست البركة في العمر بكثرة أيامه و طول أزمانه، و إنما البركة في العمر أن تصحبه العناية، و تهب عليه ريح الهداية، فيدرك في يسير من الزمان من منن اللّه تعالى: أي من علومه و معارفه و أسراره ما لا بدخل تحت دوائر العبارة، لأن ما أدركه أوسع من ضيق العبارة، إذ قال تعالى:

«أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر[1]»، فقد يدرك العارف من دقائق الأسرار ما تعجز عنه عبارة اللسان، كل ذلك في أقل زمان، و غالب هذا يحصل من ملاقاة الرجال و صحبتهم، فإن المدد الذى يحصل للإنسان في ساعة واحدة معهم لا يحصل في أزمنة طويلة مع غيرهم، و لو كثرت صلاتهم و صيامهم، إذ ليس العبرة بكثرة الأوراد، إنما العبرة بكثرة الأمداد: «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم، و إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم‌[2]» ذكره في الجامع. و الذرة من أعمال القلوب أفضل من أمثال الجبال من أعمال الجوارح، و العمل مع المعرفة ليس كالعمل مع الجهل، و ذلك معلوم.

قال الشيخ الحضرمي في بعض وصاياه: من كان يستمد من محبرة الجمع فهو يكتب ما يكون، و ما لا يكون طويل طويل طويل، قصير قصير قصير، شي‌ء شي‌ء شي‌ء، ما شي‌ء ما شي‌ء ما شي‌ء، عدم عدم عدم، وجود وجود وجود انتهى. فالمعنى: طويل طويل، و الحس: قصير قصير، و الموجود القديم: شي‌ء ثابت و ما سواه ليس بشي‌ء، و السوى عدم، و الواحد القهار:

وجود، فالذي يكتب من محبرة الجمع: أي يستمد من حضرة الجمع يكتب الأشياء كلها، و يستمد من الأشياء كلها لمعرفته في الأشياء كلها، كانت قصيرة أو طويلة، وجودية أو عدمية،


[1] - تقدم تخريجه.

[2] - رواه مسلم( 4/ 1986).

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست