نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 459
وجدوا) ثم قال: و مما يدلك على أن هذه سنة
اللّه في أحبائه و أصفيائه قوله تعالى: وَ زُلْزِلُوا
حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ [البقرة: 214]، و غير ذلك من
الآيات الدالة على هذا المعنى انتهى.
و قال بعض العارفين: و يجب أن تعلم أن النفوس شأنها استحلاء الإقامة
في موطن العز و الرفعة، فلو تركها الحق سبحانه لهلكت فأزعجها عن ذلك بما سلط عليها
من أذى المؤذنين و معارضة الجاحدين، و في هذا المعنى قيل:
عداتي
لهم فضل عليّ و منّة
فلا
أبعد الرحمن عنّي الأعاديا
فهم
بحثوا عن زلتي فاجتنبتها
و
هم نافسوني فارتكبت المعاليا
و قال بعضهم: النصيحة من العدو سوط من اللّه يرد به القلوب إذا سكنت
إلى غيره و إلا رقد القلب في ظل العز و الجاه، و هو حجاب عن اللّه تعالى عظيم. و
قال الشيخ أبو الحسن رضي اللّه تعالى عنه: آذاني إنسان مرة فضقت ذرعا بذلك، فنمت
فرأيت يقال لي: من علامة الصديقية كثرة أعدائها ثم لا يبالي بهم انتهى. إذا تقرر
هذا علمت أن إذاية الخلق للولى سنة ماضية، يعني سنة أنبياء اللّه و رسله، فلن تجد
لسنة اللّه تبديلا، و انظر أحوال نبينا صلى اللّه عليه و آله و سلم ما رأى مع قريش
و بني وائل، مكث معهم بعد النبوة التي هي محل الأذى من الخلق ثلاث عشرة سنة كلها
جلد و شدة و بلاء، و حين انتقل إلى المدينة لم تكن له راحة بين جهاد و تعليم و
معاناة أحبار يهود، بالإذاية و التشغيب، حتى لقي اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم
و شرف و كرم و مجد و عظم، و كذلك أصحابه معه و بعده لم تكن لهم راحة، و جلهم ماتوا
مقتولين، فقد مات الصديق مسموما، و مات الفاروق مقتولا، و عثمان مذبوحا، و سيدنا
علي مضروبا بالسيف مسموما، حتى مات الحسن مسموما، و الحسين مقتولا حتى لعبوا برأسه
بالشام ثم دفن بمصر، فداه بعض الملوك و دفنه بمصر، و هو مزار الحسين المشهور
عندهم، ثم ما لا يحصى، و قد سعى بالجنيد و أصحابه للسلطان و أتى بهم للسيف ثم لطف
اللّه بهم. و قصتهم:
أن فقهاء بغداد قالوا للمتوكل: إن الجنيد قد تزندق هو و أصحابه، فقال
لهم الملك[1]: و كان