نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 394
قلت: مد اليد إلى الأخذ من الخلائق على
قسمين: إما أن يكون من غير سؤال أو بعد السؤال، و لكل واحد منهما أحكام، أما الأخذ
من غير سؤال فشرطه أمران: أحدهما: علمي، و الآخر:
صوفي. أما العلمي فلا يأخذ ممن كسبه حرام، و لا مخلط، و لا محجور
عليه كالصبي و المجنون و العبد. و أما الصوفي، فلا يقبض حتى يعرف ممن يقبض علما و
حالا، فإن اتسعت معرفته و تحقق فناؤه بحيث لم يبق له نظر للواسطة أصلا فربما يسلم
له القبض مطلقا، لأنه يقبض من اللّه، و يدفع باللّه، و لكن الكمال هو الجمع بين
الحقيقة و الشريعة، و قد كان كثير من الصوفية الحقيقيين يقبضون جوائز السلطان، ثم
يدفعونها على أيديهم. و أما القبض بعد السؤال فالكلام عليه من وجهين: الأول: في
جواز السؤال و منعه، و الثاني: فيما يقبضه بعد أخذه، أما حكم السؤال فأصله الجواز،
قال اللّه تعالى: وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ
[الضحى: 10]، فلو كان ممنوعا ما نهى اللّه عن نهره، ثم تعتريه الأقسام الخمسة:
يكون واجبا، و مندوبا، و مباحا، و مكروها، و حراما. فأما الواجب: فهو ما يكون لسد
الرمق، بحيث إذا ترك السؤال مات، فهذا واجب عليه، فلو تركه حتى مات مات عاصيا،
فأوجبه الشارع خوفا على فوات حياة البشرية الحسية، و أوجبته الصوفية أيضا على من
خاف فوات حياة الروحانية بحيث منعته الرياسة من حظ رأسه و ذبح نفسه، فقد نقل
القسطلاني في «شرح البخاري»، عن ابن العربي المعافري أنه قال: هو واجب على المريد
في البداية. فتحصل أنه واجب حيث يخاف فوات حياة البشرية، أو الروحانية، و إليه
أشار ابن البناء بقوله:
و
ما على السائل من تأويل
لأجل
قهر النفس و التذليل
فمن
أولي الأذواق و الأحوال
من
كان راض النفس بالسؤال
قالوا
و لا خير إذا في العبد
ما
لم يكن قد ذاق طعم الردّ
و بالجملة: فهو لرياضة النفس واجب أو مندوب. كان إبراهيم الخواص تعرض
عليه الألوف فلا يقبلها، و ربما سأل من يعرف من الناس الدرهم و الدرهمين لا يزيد
على ذلك. أما المندوب: هو أن يسأل لغيره فهو من التعاون على البر، فيسأل الطعام
ليطعمه من يستحي، أو يسأل اللباس أو غير ذلك.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 394