responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 357

ثم أقام العالم المعقول‌

معارف تلغز بالمنقول‌

و الفناء: هو أن تبدو لك العظمة، فتسيك كل شي‌ء، و تغيبك عن كل شي‌ء، سوى الواحد الذي: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ [الشورى: 11]، و ليس معه شي‌ء. أو تقول: هو شهود حق بلا خلق، كما أن البقاء هو شهود خلق بحق، و المحبة أخذ الحق قلب من أحب من عباده، فلا يكون له عن نفسه أخبار، و لا مع غير محبوبه قرار، و قيل: غير ذلك، فمن عرف الحق شهده في كل شي‌ء، و لم ير معه شيئا، لنفوذ بصيرته من شهود عالم الأشباح إلى شهود عالم الأرواح، و من شهود عالم الملك إلى شهود فضاء الملكوت، و من فني به و انجذب إلى حضرته غاب في شهود نوره عن كل شي‌ء، و لم يثبت مع اللّه شيئا. و الفرق بين الفاني و العارف أن العارف يثبت الأشياء باللّه، و الفاني لا يثبت شيئا سوى اللّه، العارف يقرر القدرة و الحكمة، و الفاني لا يرى إلا القدرة. العارف يرى الحق في الخلق، كقول بعضهم: ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه فيه، و الفاني لا يرى إلا الحق، يقول: ما رأيت شيئا إلا رأيت اللّه قبله، العارف في مقام البقاء، و الفاني مجذوب في مقام الفناء، الفاني سائر، و العارف متمكن واصل، و من أحب اللّه لم يؤثر عليه شيئا من حظوظه، و هوى نفسه، و لو كان فيه حتف أنفه، كما قال القائل:

قالت و قد سألت عن حال عاشقها

باللّه صفه و لا تنقص و لا تزد

فقلت لو كان رهن الموت من ظمإ

و قلت قف عن ورود الماء لم يرد

و الكلام في المحبة طويل، ذكر الشيخ في «لطائف المنن» منه جملة صالحة، و كلام الشيخ رضي اللّه تعالى عنه من باب التدلي، فالمعرفة أعلى المقامات و قبلها الفناء، و قبل الفناء المحبة: أي أولها، فأول ما يقذف اللّه في قلب عبده الذي بريد أن يصطفيه لحضرته و يعرفه به محبته، فلا يزال يلهج بذكره، و يتعب جوارحه في خدمته، و يتعطش إلى معرفته، فلم يزل يتقرب إليه بالنوافل حتى يحبه الحق، فإذا أحبه أفناه عن نفسه و غيبه عن حسه فكان سمعه، و بصره، و يده و جملته، ثم رده إليه و أبقاه به، فعرفه في كل شي‌ء، و رآه قائما بكل شي‌ء، ظاهرا في كل شي‌ء، و اللّه تعالى أعلم. و لهذا الذي ذكره الشيخ علامات تدل على تحقيق تلك المقامات، فمن وجدها في نفسه كانت دعواه لتلك المقامات أو بعضها صحيحة، و من لم يجدها في نفسه كانت دعواه لها كاذبة

نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست