نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 329
و الزهاد و السائرون من المريدين. و قسم:
يفرحون بالمدح لشهوده من مولاهم، و ينقبضون من الذم لشهودهم جلال من تولاهم و هم
العارفون. و قد أشار إلى القسم الثاني و الثالث بقوله:
146- الزّهّاد إذا مدحوا انقبضوا لشهودهم الثناء من الخلق، و
العارفون إذا مدحوا انبسطوا لشهودهم ذلك من الملك الحقّ.
قلت: أما العباد و الزهاد، فلأنهم محجوبون برؤية الخلق عن شهود الحق،
فإذا مدحوا شهدوا ذلك من الخلق، و حجبوا عن الجمع بالفرق، فانقبضوا و خافوا على
نفوسهم أن تغتر بذلك أو تقف هنالك، و هم عاملون على ما تموت به نفوسهم و تحيا به
قلوبهم، و لا شك أن المدح لها فيه حظ وافر، فربما تميل إلى ذلك فتعتقد المزية على
الغير، فيوجب لها التكبر و الرضا و هما أصل كل معصية، و أما الذم فلا حظّ لها فيه،
و إنما فيه موتها و في موتها حياتها، فلذلك إذا مدحوا انقبضوا، و إذا ذموا
انبسطوا، و سكت عنه الشيخ، و كأنه يؤخذ بالمفهوم. و أما العارفون الواصلون، فلأنهم
فانون عن أنفسهم، باقون بربهم، غائبون عن الخلق بشهود الملك الحق، فإذا أثنى عليهم
رأوا ألسنة الخلق أقلام الحق، و شهدوا الجمع في عين الفرق، ففرحوا بمدح مولاهم، و
انبسطوا عند من تولاهم، فيزدادون له حبّا و شوقا، و يفنون فيه شغفا و عشقا، و في
مثل هؤلاء ورد الحديث: «إذا مدح المؤمن ربا الإيمان في قلبه ربوة[1]»،
و إذا ذموا انقبضوا سكونا تحت قهرية الحق، و أدبا مع جلاله، و ليس في هذا الانقباض
دليل على كراهية الذم من حيث نسبته للخلق، لأنهم يرون الخلق مصرفين بقدرة الحق، و
علامة ذلك أنهم يسمحون لمن أجرى ذلك عليه، بل يتعطفون عليه و يتوددون بالمحبة
إليه، كما قال الشاعر:
ربّ
رام لي بأحجار الأذى
لم
أجد بدّا من العطف عليه
فعسى
يطّلع اللّه على
فرح
القوم فيدنيني إليه
و في تعبير آخر: الناس في المدح و الذم على أربعة أقسام: عوام جهال،
و عباد زهاد، و مريدون سالكون، و عارفون واصلون. فأما العوام: فنفوسهم غالبة
عليهم، و دائرة الحس محيطة بهم؛ محط
[1] - رواه الطبراني في الكبير( 1/ 170)، و الحاكم في
المستدرك( 3/ 690)، و الديلمي( 1/ 335).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 329