نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 301
تعالى لكرمه وجوده إذا رأى منك صدق الطلب و
أراد أن يوصلك إليه وصلك إلى وليّ من أوليائه، و أطلعك على خصوصيته و اصطفائه
فلزمت الأدب معه، فما زال يسير بك حتى قال لك: ها أنت و ربك، فحينئذ يستر الحق
تعالى وصفك الذي هو وصف العبودية بوصفه الذي هو وصف الحرية، فتتخنس أوصاف البشرية
بظهور أوصاف الروحانية، و يغطي أيضا نعتك الذي هو الحدوث بنعته الذي هو القدم، أو
يغطى نعتك الذي هو العدم بنعته الذي هو الوجود. و قال الشيخ زروق رضي اللّه تعالى
عنه: ستر فقرك بغناه، و ذلك بعزه، و عجزك بقدرته، و ضعفك بقوته، و يصرفك عن شهود
ذلك منك و إليك بشهود ما منه إليه انتهى. قلت: و هو لازم لما فسرته به من وصف
العبودية و نعت الحرية، فوصلك حينئذ بما منه عليك من الإحسان، و اللطف و الامتنان،
لا بما منك إليه من المجاهدة و الطاعة و الإذعان، و مثال النفس كالفحمة كلما
غسلتها بالصابون زاد سوادها، فإذا اشتعلت فيها النار و نفخ فيها الريح كستها النار
و لم يبق للون الفحمة فيها أثر، فكذلك أوصاف البشرية إذا كساها نور الروحانية تغطت
ظلمة البشرية، و لم يبق لها أثر فتنقلب البشرية في صفة روحانية، و في ذلك يقول
الششتري في بعض أزجاله:
فمتى
ما يبين لي
زالت
البشريّا
و
تحوّلت غيري
في
صفا روحانيّا
و النار التي تحرق البشرية: هي مخالفة الهوى، و تحمل النفس ما يثقل
عليها، كالذل و الفقر و نحوهما مع دوام ذكر الاسم المفرد، فكلما فني فيه ذابت
بشريته و قويت روحانيته حتى تستولي على بشريته، فحينئذ يكون الحكم لها فتغيب في
نور مذكورها، و تغرق في شهود عظمة محبوبها، فحينئذ يحصل الوصال، و يتحقق الفناء في
ذي العظمة و الجلال.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 301