نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 30
و الجواب: أن الكتاب و السنة وردا بين شريعة
و حقيقة أو تقول: بين تشريع و تحقيق فقد يشرعان في موضع و يحققان في آخر في ذلك
الشيء بعينه، و قد يحققان في موضع و يشرعان فيه في آخر، و قد يشرع القرآن في موضع
و تحققه السنة، و قد تشرع السنة في موضع و يحققه القرآن، فالرسول صلى اللّه عليه و
آله و سلم مبين لما أنزل اللّه قال تعالى: وَ أَنْزَلْنا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ
[النحل: 44] فقوله تعالى: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل: 32]، هذا تشريع لأهل الحكمة و هم
أهل الشريعة و قوله صلى اللّه عليه و آله و سلم: «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله[1]»، هذا تحقيق لأهل القدوة، و هم أهل الحقيقة
كما أن قوله تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ
اللَّهُ [الإنسان: 30]، تحقيق و قوله صلى اللّه عليه و
آله و سلم: «إذا هم أحدكم بحسنة كتبت له حسنة[2]»،
تشريع. و الحاصل: أن القرآن تقيده السنة و السنة يقيدها القرآن، فالواجب على
الإنسان أن تكون له عينان: أحداهما: تنظر إلى الحقيقة، و الأخرى: تنظر إلى
الشريعة، فإذا وجد القرآن قد شرع في موضع، فلابد أن يكون قد حقق في موضع آخر أو
تحققه السنة، و إذا وجد السنة قد شرعت في موضع، فلابد أن تكون قد حقّقت في موضع
آخر أو حققها القرآن، و لا تعارض حينئذ بين الآية و الحديث و لا إشكال. و هنا جواب
آخر و هو: أن اللّه تعالى لما دعا الناس إلى التوحيد و الطاعة على أنهم لا يدخلون
فيه من غير طمع فوعدهم بالجزاء على العمل، فلما رسخت أقدامهم في الإسلام أخرجهم
صلى اللّه عليه و آله و سلم من ذلك الحرف و رقاهم إلى إخلاص العبودية و التحقق
بمقام الإخلاص فقال لهم: «لن يدخل أحدكم الجنة بعمله»، و اللّه تعالى أعلم. و هنا
أجوبة لأهل الظاهر لا تجدي شيئا، و لما كان الانتقال من عمل