نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 245
أوقاتك أيضا وقت تشهد فيه وجود ذلتك كما
تقدم؛ لأنه سبب عزك و نصرك؛ إذ الأشياء كامنة في أضدادها العز في الذل، و الغنى في
الفقر، و القوة في الضعف، و العلم في الجهل أي في إظهار الجهل إلى غير ذلك، قال
تعالى: وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي
الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ
[القصص: 5]، و قال تعالى في حق الصحابة رضي اللّه عنهم حين كانوا في حالة
الاستضعاف و الإذاية تسلية لهم: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ
آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
[النور: 55]، و مما جرت به العادة الإلهية أن الفرج علي قدر الضيق، فبقدر الفقر
يكون الغنى، و بقدر الذل يكون العز، و بقدر العسر يكون اليسر، و الحاصل بقدر
الجلال يكون الجمال عاجلا و آجلا، قال تعالى:
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
[الشرح: 6، 5]، و لن يغلب عسر يسرين كما في الحديث حيث قال 7 لابن عباس
رضي اللّه تعالى عنه: «و اعلم أنّ النصر مع الصبر، و أنّ الفرج مع الكرب، و أنّ مع
العسر يسرا[1]» انتهى.
ثم إذا صح فقرك إليه و تحققت ذلتك بين يديه أتحفك بأنسه، وزج بك في
حضرة قدسه، كما أشار إلى ذلك بقوله:
101- متى أوحشك من خلقه فاعلم أنّه يريد أن يفتح لك باب الأنس به.
قلت: هذه سنة اللّه تعالى في خلقه، إذ أراد أن يؤنس عبده بذكره و
يتحفه بمعرفته أوحشه من خلقه، و شغله بخدمته، و ألهمه ذكره حتى إذا امتلأ قلبه
بالأنوار و تمكن من حلاوة الشهود و الاستبصار رده إليهم رحمة لهم، لأنه حينئذ
لقوته يأخذ منهم، و لا يأخذون منه، و مثاله في الحس كفتيلة أشعلتها، فما دامت
ضعيفة لا بد أن تحفظها من الريح، و تقصد بها المواضع الخفية، فإذا اشتد نورها
[1] - رواه الطبراني في الكبير( 11/ 123)، و أبو نعيم
في الحلية( 1/ 314)، و الحاكم في المستدرك( 3/ 624)، و البيهقي في الشعب( 2/ 28).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 245