نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 205
و قصده أقرب لتحصيله. و قد ثبت أن حقائق
علوم الصوفية منح إلهية، و مواهب اختصاصية لا تنال بمعتاد الطلب فلزم مراعاة وجه
ذلك، و هو ثلاث: أولها:
العمل بما علم قدر الاستطاعة. الثاني: اللجأ إلى اللّه على قدر
الهمة. الثالث:
إطلاق النظر في المعاني حال الرجوع لأصل السنة، فيجري الفهم و ينتفي
الخطأ و يتيسر الفتح. و قد أشار الجنيد رحمه اللّه تعالى إلى ذلك بقوله: ما أخذنا
التصوف عن القيل و القال و المراء و الجدال، إنما أخذناه عن الجوع و السهر و
ملازمة الأعمال، أو كما قال. و في الخبر عنه صلى اللّه عليه و آله و سلم: «من عمل
بما علم أورثه اللّه علم ما لم يعلم[1]». و قال
أبو سليمان الداراني رضي اللّه تعالى عنه: إذا اعتقدت النفوس على ترك الآثام جالت
في الملكوت، و رجعت إلى صاحبها بطرائف العلوم من غير أن يؤدي إليها عالم علما
انتهى. فمن رجا أن يدرك هذه الأمور المتقدمة و شرع في أسبابها و تحصيل مبادئها كان
علامة على نجح مطلبه، و كان رجاؤه صادقا. و من طمع فيها من غير أن يأخذ بالجد في
أسباب تحصيلها كان أمنية أي غرورا و حمقا. و كان الحسن رضي اللّه تعالى عنه يقول:
يا عباد اللّه اتقوا هذه الأماني، فإنها أودية النّوكى يحلون فيها، فو اللّه ما
أتى اللّه عبدا بأمنية خيرا في الدنيا و الآخرة انتهى. و النوكى بفتح النون جمع
أنوك، و هو الأحمق، و لما كان من رجا شيئا، و طمع فيه الغالب أنه يطلبه بيّن الشيخ
خير ما يطلبه العبد و يرجوه، فقال:
79- مطلب العارفين من اللّه تعالى الصدق في العبوديّة، و القيام
بحقوق الرّبوبيّة.
قلت: المطلب مصدر بمعنى المفعول، أو اسم مكان. أي مطلوب العارفين و
مقصودهم أو محل قصدهم و محل نظرهم، إنما هو تحقق الصدق في العبودية