نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 189
هذه الأمور أذواق باطنية و أسرار ربانية لا
يفهمها إلا أربابها فذكرها لمن لا يفهمها و لا يذوقها جهل بقدرها، و أيضا هي
أمانات، و سر من أسرار الملك، و سر الملك لا يحل إفشاؤه، فمن أفشاه كان خائنا و
استحق الطرد و العقوبة، و لا يصلح أن يكون أمينا بعد ذلك، فكتم الأسرار من شأن
الأخيار، و هتك الأسرار من شأن الأشرار، و قد قالوا: قلوب الأحرار قبور الأسرار، و
قال الشاعر:
لا
يكتم السرّ إلا كلّ ذي ثقة
فالسرّ
عند خيار النّاس مكتوم
و في إفشائها قلة عملها و نفعها في الباطن، ففائدة هذه الأحوال و
الواردات الإلهية هي محو الحس و إظهار المعنى، أو محو الشك و تقوية اليقين، فإذا
أفشاها ضعف إعمالها و قلّت نتيجتها، و الخير كله في الكتمان.
في الحديث: «استعينوا على قضاء حوائجكم بكتمانها[1]»،
أو كما قال 7، و ينخرط في سلك الأحوال التي يجب كتمانها خرق عوائد النفوس،
فمن خرق عادة في نفسه فلا يفشي ذلك لغيره، فإن في ذلك دسيسة لها، لأنها تحب أن
تذكر بالقوة و النجدة، فيكون كلما قتل منها شيئا أحياه في ساعته، و فيه أيضا نقص
الإخلاص، و إدخال الرياء، و هو سبب الهلاك و العياذ باللّه. و أما وجه جهله في
كونه ذاكرا لكل ما علم من الحقائق و العلوم و المعارف، فلأنه جهل قدرها و استخفّ
شأنها، فلو كانت عنده رفيعة عزيزة ما أفشاها لغيره؛ إذ صاحب الكنز لا يبوح به، و
إلا سلبه من ساعته.
و انظر قول شيخ شيوخنا المجذوب رضي اللّه تعالى عنه:
احفر
لسرّك و دكّو
في
الأرض سبعين قامه
و
خلّ الخلائق يشكوا
إلى
يوم القيامه
[1] - رواه الطبراني في الصغير( 2/ 292)، و أبو نعيم في
الحلية( 5/ 215)،( 6/ 96).
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 189