نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 188
القاضي، فقلدها في عنقه. و قد سئل مالك رحمه
اللّه عن اثنتين و ثلاثين مسألة، فأجاب عن ثلاث، و قال في الباقي: لا أدري، فقال
له السائل: و ما نقول للناس؟
فقال: قل لهم: قال مالك: لا أدري. و أيضا إجابة كل سائل جهل و ضرر؛
إذ قد يكون السائل متعنتا لا يستحق جوابا، و قد تكون المسألة التي سأل عنها لا
تليق به، لأنه لا يفهمها و لا يطيق معرفتها فتوقعه في الحيرة، أو الإنكار، و قد
قال صلى اللّه عليه و آله و سلم: «لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها و لا
تمنعوها أهلها فتظلموهم[1]»، و في
ذلك يقول الشاعر:
سأكتم
علمي عن ذوي الجهل طاقتي
و
لا أنثر الدّرّ النفيس على البهم
فإن
قدّر اللّه الكريم بلطفه
و
لاقيت أهلا للعلوم و للحكم
بذلت
علومي و استفدت علومهم
و
إلا فمخزون لديّ و مكتتم
فمن
منح الجهّال علما أضاعه
و
من منع المستوجبين فقد ظلم
و قال عليّ كرم اللّه وجهه: حدّث الناس بقدر ما يفهمون، أتريدون أن
يكذب اللّه و رسوله؟. و قد قيل للجنيد رضي اللّه تعالى عنه: يسألك الرجلان فتجيب
هذا بخلاف ما تجيب به هذا؟ فقال: الجواب على قدر السائل قال صلى اللّه عليه و آله
و سلم: «أمرنا أن نخاطب النّاس على قدر عقولهم[2]»
انتهى.
و قال رجل لبعض العلماء، و قد سأله فلم يجبه: أما علمت أن رسول اللّه
صلى اللّه عليه و آله و سلم قال: «من كتم علما نافعا ألجم يوم القيامة بلجام من
النّار[3]»، فقال
له: العالم اترك اللجام و اذهب، فإن جاء من يستحقه و كتمته فليلجمني به انتهى. و
أما وجه جهله في كونه معبرا عن كل ما شهد من الكرامات، و ما وصل إليه من المقامات،
و ما ذاقه من الأنوار و الأسرار، فلأن
[1] - رواه أبو نعيم في الحلية( 3/ 219)، و ذكره
المناوي في الفيض( 5/ 427).
[2] - ذكره العجلوني في كشف الخفاء( 1/ 225)، و السيوطي
في تدريب الراوي( 2/ 175) بنحوه.