نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 175
و ما تركن إليه نفسه من علامة الاعتناء و
الإقبال. فإذا اعتنى اللّه تعالى بعبد، و أراد أن يوصله إلى حضرته شوش عليه كل ما
تركن إليه نفسه، و أزعجه طوعا أو كرها حتى يؤيسه من هذا العالم، و لم يبق له ركون
إلى شيء منه، فحينئذ يصطفيه لحضرته، و يجتبيه لمحبته، فليس له حينئذ عن نفسه
إخبار و لا مع غير اللّه قرار. و أصل ذلك قضية سيدنا موسى 7 لما علم
اللّه تعالى محبته لعصاه و ركونه إليها، قال له الحق تعالى:
وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى* قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ
أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى [طه
17: 18]، أي حوائج أخر، قال له: أَلْقِها يا مُوسى*
فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى [طه 19: 20]، فلما فرّ
عنها، و قطع يأسه منها، قال له: خُذْها وَ لا تَخَفْ
[طه: 21]، لأنها لا تضرك حيث رجعت إليها باللّه و يقال للفقير:
و ما تلك بيمينك أيها الفقير فيقول: هي دنياي أعتمد عليها و أقضي بها
مآربي فيقال له: ألقها من يدك، فإذا هي حية تسعى كانت تلدغه و هو لا يشعر، فإذا
أيس منها و استأنس باللّه و اطمأن به، قيل له:
خُذْها وَ لا تَخَفْ [طه: 21]، لأنك تأخذها باللّه لا بنفسك،
و اللّه تعالى أعلم. و مواطن الآداب التي يخل بها المريد[1]،
فيعاقب عليها ثلاثة: آداب مع اللّه و رسوله، و آداب مع الشيخ، و آداب مع الإخوان.
فأما الآداب مع اللّه باعتبار العوام فبامتثال أمره و اجتناب نهيه، و مع رسوله
باتباع السنة و مجانبة أهل البدعة، فإذا قصروا في الأمر أو خالفوا في النهي عوقبوا
عاجلا في الحس أو آجلا في المعنى و الحس، و باعتبار الخواص مع اللّه بالإكثار من
ذكره، و مراقبة حضوره، و إيثار محبته، زاد الشيخ زروق: و حفظ الحدود و الوفاء
بالعهود و التعلق بالملك الودود و الرضا بالموجود
[1] - في العبارة اضطراب؛ فمفتتح الكلام عن الآداب التي
يخل بها المريد و لا يدخل في لفظ المريد" خواص الخواص" فكان ينبغي أن
يكون التعبير" بآداب الصوفي" لا" آداب المريد" لأن تقسيم
الصوفي إلى مريد و خاص و خاص الخاص، أما تقسيم المريد هذه القسمة فمتعذر لا سيما و
الكلام يتناول أحوال الأكابر من أمثال سيدي أبي العباس المرسي نفعنا اللّه به.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 175