نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 160
و قال مرة أخرى: لما سئل عن الكيمياء؟ قال
أخرج الخلق من قلبك، و اقطع يأسك من ربك أن يعطيك غير ما قسم لك، و ليس يدل على
فهم العبد كثرة علمه، و لا مداومته على ورده، إنما يدل على نوره و فهمه غناه بربه
و انحياشه إليه بقلبه و تحرزه من رق الطمع و تحليه بحلية الورع، و بذلك تحسن
الأعمال و تزكو الأحوال قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى
الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
[الكهف: 7]، فحسن الأعمال إنما هو الفهم عن اللّه، و الفهم هو ما ذكرناه من
الاغتناء باللّه و الاكتفاء به، و الاعتماد عليه، و رفع الحوائج إليه، و الدوام
بين يديه، و كل ذلك من ثمرة الفهم عن اللّه، و تفقّد وجود الورع من نفسك أكثر مما
تتفقد ما سواه و تطهر من الطمع في الخلق، فلو تطهر الطامع فيهم بسبعة أبحر ما طهره
إلا اليأس منهم و رفع الهمة عنهم، و قدم علي رضي اللّه تعالى عنه البصرة فدخل
جامعا فوجد القصاص يقصون فأقامهم، حتى وجد الحسن البصري فقال: يا فتى إني سائلك عن
أمر، فإن أجبت عنه أبقيتك و إلا أقمتك كما أقمت أصحابك، و كان قد رأى عليه سمتا و
هديا، فقال الحسن: سل عما شئت؟ فقال: ما ملاك الدين؟ قال: الورع، قال: فما فساد
الدين؟ قال: الطمع قال: اجلس، فمثلك يتكلم على الناس. قال: و سمعت شيخنا أبا
العباس المرسي رضي اللّه تعالى عنه يقول: كنت في ابتداء أمري بالإسكندرية، فجئت
إلى بعض من يعرفنى فاشتريت منه حاجة بنصف درهم، فقلت في نفسي: لعله لا يأخذه مني،
فهتف بي هاتف: السلامة في الدين بترك الطمع في المخلوقين. و سمعته يقول: صاحب
الطمع لا يشبع أبدا ألا ترى أن حروفه كلها مجوفة، الطاء و الميم و العين، فعليك
أيها المريد برفع همتك عن الخلق و لا تذل لهم في شأن الرزق، فقد سبقت قسمته وجودك
و تقدم ثبوته ظهورك.
و اسمع ما قال بعض المشايخ: أيها الرجل ما قدر لما ضغيك أن يمضغاه
فلابد أن يمضغاه، فكله ويحك بعز، و لا تأكله بذل انتهى.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 160