نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 152
فيستولى النور على الظلمة و تولي النفس
منهزمة، و إذا أراد اللّه خذلان عبده أمد نفسه بالأغيار، و قطع عن قلبه شوارق
الأنوار، فيأتي المنصور بالأمر على وجهه، و المخذول بالشيء على عكسه. قال الشيخ
زروق رضي اللّه تعالى عنه: و أمداد الأنوار ثلاثة: أولها: يقين لا يخالطه شك و لا
ريب. الثاني: علم تصحبه بصيرة و بيان. الثالث: إلهام يجري بعد العيان. و أمداد
الظلم ثلاثة: أولها: ضعف اليقين.
الثاني: غلبة الجهل على النفس. الثالث: الشفقة على النفس، و ذلك كله
أصله الرضا عن النفس و عدمه، و مظهره الثلاث المرتبة عليه و هي المعاصي و الشهوات
و الغفلات و أضدادها المتقدمة في الباب الثالث فافهم انتهى.
و لما كان النور هو جند القلب، لأنه يكشف عن حقائق الأشياء، فيتميز
الحق من الباطل، فيحق الحق و يبطل الباطل، فينتصر القلب بإقباله على الحق على بينة
واضحة و تنهزم النفس بانهزام جند ظلماتها، إذ لا بقاء للظلمة مع وضوح النور، كما
أشار إلى ذلك بقوله:
57- النور له الكشف، و البصيرة لها الحكم، و القلب له الإقبال و
الإدبار.
قلت: النور: من حيث هو من شأنه أن يكشف الأمور و يوضحها حتى يظهر
حسنها من قبيحها، و من شأن البصيرة المفتوحة أن تحكم على الحسن بحسنه و على القبيح
بقبحه، و القلب: يقبل على ما يثبت حسنه، و يدبر عن ما يثبت قبحه، أو تقول: يقبل
على ما فيه نفعه و يدبر عما فيه ضرره، و مثال ذلك:
رجل دخل بيتا مظلما فيه عقارب و حيات، و فيه سبائك ذهب و فضة، فلا
يدري ما يأخذ و لا ما يذر، و لا ما فيه نفع و لا ضرر، فإذا أدخل فيه مصباحا رأى ما
ينفعه و ما يضره، و ما يأمنه و ما يحذره، كذلك قلب المؤمن العاصي لا يفرّق بين
مرارة المعصية و حلاوة الطاعة، فإذا استضاء بنور التقوى عرف ما يضره و ما ينفعه، و
فرق بين الحق و الباطل.
نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 152