نام کتاب : ايقاظ الهمم فى شرح الحكم نویسنده : ابن عجيبة جلد : 1 صفحه : 143
لكن لا ينبغي للعبد أن يغلب النظر إلى جانب
الذنب، فيقل رجاؤه و يسيء الظن بسيده، كما أشار إليه بقوله:
49- لا يعظم الذنب عندك عظمة تصدّك عن حسن الظن باللّه[1].
قلت: الناس في الخوف و الرجاء على ثلاثة أقسام: أهل البداية: ينبغي
لهم تغليب جانب الخوف، و أهل الوسط: ينبغي لهم أن يعتدل خوفهم و رجاؤهم، و أهل
النهاية: يغلبون جانب الرجاء. أما أهل البداية: فلأنهم إذا غلّبوا جانب الخوف جدوا
في العمل و انكفوا عن الزلل، فبذلك تشرق نهايتهم،
وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا
[العنكبوت: 69]. و أما أهل الوسط: فلأنهم قد انتقلت عبادتهم إلى تصفية بواطنهم
فعبادتهم قلبية، فلو غلّبوا جانب الخوف لرجعوا إلى عبادة الجوارح، و المطلوب منهم
عبادة البواطن على رجاء الوصول و خوف القطيعة فيعتدل خوفهم و رجاؤهم. و أما
الواصلون فلا يرون لأنفسهم فعلا و لا تركا فهم ينظرون إلى تصريف الحق و ما يجري به
سابق القدر، فيتلقونه بالقبول و الرضا، فإن كان طاعة شكروا و شهدوا منة اللّه، و
إن كان معصية اعتذروا و تأدبوا و لم يقفوا مع أنفسهم، إذ لا وجود لها عندهم و إنما
ينظرون إلى ما يبرز من عنصر القدرة، فنظرهم إلى حمله و عفوه و إحسانه و بره، أكثر
من نظرهم إلى بطشه و قهره، و يرحم اللّه الشافعي حيث قال: