فأما سحنة البدن فانها تابعة لمزاجه فلذلك يجب على الطبيب ان يحكم
معرفة السحنة و أول ما ينبغي ان يعلمه من ذلك ان مزاج جملة البدن يعرف من خمسة
اشياء و جميعها داخل تحت اسم السحنة و معنى كل واحد منها غير معنى الآخر. و أحد
هذه الخمسة كيفية الجوهر و الثاني مقدار لحم البدن و شحمه و الثالث ()[1] و الرابع حالات شعره و مقداره و
الخامس لونه، فأما كيفية الجوهر فانه اذا كان حار الملمس فان البدن حار المزاج و
ان كان باردا فالمزاج بارد و كذلك القول في المعتدل. و اما قوامه فهو ان كان صلبا
فهو يابس و ان كان لينا فهو رطب و ان كان بين[2]
ذلك فهو معتدل و اما مقدار لحمه و شحمه فانه إن كان لحيما فهو رطب و ان كان معرقا
فهو يابس و ان كان بين ذلك فهو معتدل. و ايضا فان البدن ان كان سمينا فهو بارد و
ان كان لا شحم له فهو حار و ان كان بين ذلك فهو معتدل، فأما ما يعرف من حال البدن
من جهة شعره فهو يدل من ثلاثة وجوه و هي مقداره و شكله و لونه فأما مقداره فهو ان
يكون كثيرا او قليلا او غليظا او رقيقا فأما كثرته و غلظه فيدلان على البرودة و
اعتداله في الجميع دليل على اعتدال المزاج فأما شكله فهو ان كان جعدا دلّ ذلك على
اليبس و ان كان سبطا دلّ على الرطوبة و ان كان بين ذلك دلّ على الاعتدال، فاما ما
يدل على لون الشعر فهو ان كان اشقر او احمر فهو يدل على الاعتدال و ان كان أسود
دلّ على الحرارة و ان كان ابيض دلّ على البرودة و ان كان كمدا كان برده اقوى و أشد
و ان كان اسود دل على الحرارة و اليبس. و مع علم الطبيب بالاستدلال بهذه الأصول مع
فروعها و اختلاطها و تعرفه لمزاج جملة البدن بها فانه قد ينبغي ان يعلم ايضا معرفة
مزاج عضو عضو من اعضاء البدن يكون من هذه بأعيانها و يكفيه ان يعلم من هذه ما
ذكرناه فقط دون ان يقسم كل واحد منها الى ما يتقسم اليه و يعلم ماذا يحدث كل قسم
ليعلم بذلك على ماذا يدل و ذلك كخصب البدن و كثرة لحمه فانهما نوعان احدهما تابع
للمزاج الطبيعي و هو المزاج الرطب باعتدال، و الآخر المزاج المكتسب من التدبير
المرطب للبدن و كذلك ينبغي ان يقم في الشحم و غيره و كذلك يلزمه ايضا ان يعلم ان
هذه القضايا لا تصح له الا في البلدان المعتدلة فأما البلدان الخارجة
[1] يملأ المستشرق ليفي هذا الفراغ في الترجمة
الانكليزية ص 48 بعبارة( صلابة الجسم و في هذا انواع).
[2] ( 241 ب) وردت في الاصل( من) و الصحيح ما اثبتناه.