عشاء خفيفا لا يضرهم و يشربوا ايضا شرابا
قليلا غير ممزوج بالماء فهذا القول من كلام بقراط كاف[1]
في البيان و المثال لما ذكرنا من تغير الابدان عند انتقال العادات في اشخاص الناس
المفردين و ان انت أحببت استماع جميع ما قاله بقراط من أمر العادات و ما قاله
جالينوس في تفسيره لذلك فاقصد كتاب بقراط الذي عنونه بكتاب ماء الشعير[2] المفسر تفسير جالينوس و اما المثال
العامي فهو هذا، قال بقراط: و اعطيك دليلا من اعظم الدلائل على رطوبتهم و هو انك
تجد كثيرا من الصقالبة او كلهم من الامة المعروفة منهم بالراعية لهم (كيّا) على
اكتافهم و اعضادهم و ارساغ ايديهم و أوراكهم و مقدم صدورهم و ليس ذلك لشيء سوى
رطوبة طبعهم و لينه و ذلك انهم لا يقدرون على توتير القسي[3]
و لا على الرمي على المزاريق[4] بأكتافهم
بسبب رطوبتهم و ضعفهم فاذا كووا جفّ من مفاصلهم تلك الرطوبة و صارت أقوى مما كانت
و أشد و تشبه بالمفاصل و يكونون قدعا عراضا اما اولا فمن قبل انهم لا يشدوا
بالأطمار في الطفولية كما يفعل بمصر و لا ذلك جار على سنتهم بسبب ركوب الخيل لهم
ثبات عليها ثم من بعد ذلك بسبب القعود و ذلك ان الذكور[5]
منهم ماداموا لا يقدرون على ركوب الخيل انما هم قعود[6]
اكثر مدة زمانهم في العجل و قل ما يستعملون المشي لثقلهم و تصرفهم و الأناث منهم
عجيب من حالهم القدعة و الغلظ. و قال ايضا: فأقول انهم يعتريهم من ركوب الخيل
العلة التي تسمى باليونانية قاد ما طا لتعلق الرجلين دائما على الخيل ثم انهم
يعرجون و يجرون أوراكهم متى اشتدت بهم العلة يداوون انفسهم بهذا الطريق، أول ما
تبتدي بهم العلة يعمدون الى عرقين خلف الأذنين فيفصدونها من الجانبين فاذا جرى
الدم استولى عليهم النوم بسبب الضعف فناموا ثم ينتبهون و بعضهم قد برئ[7] و بعضهم لم يبرأ و انا أرى ان بهذا
العلاج يفسد المني و ذلك ان عند الاذنين عرقين ان فصدهما فاصد لم