اللّه تعالى يقول: المؤمن يزرع نخلا و يخاف
أن يثمر شوكا و المنافق يزرع شوكا و يطلب أن يثمر رطبا اه.
فاعلم ذلك يا أخي و فتش في نفسك قبل موتك و ابك عليها إن وجدت فيها
أخلاق المنافقين و أكثر من الاستغفار، و الحمد للّه رب العالمين.
القناعة
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عدم إمساك الدينار و الدرهم في بداية أمرهم ثم جمعهما للإنفاق في نهاية أمرهم، و
ذلك لأن الشخص في بداية أمره في الطريق حكم الطفل الرضيع فيحتاج عند الفطام إلى
وضع الصبر و نحوه على الثدي ليصير يكره الرضاع من اللبن الذي يضره، فإذا وثقنا
كراهية مصه لذلك صار هو يكره شرب اللبن و تعافه نفسه، و كذلك الفقير في حال نهايته
يصير يعاف الدنيا و هناك يكون الكمال في إمساكه لها ليعف بها نفسه عن سؤال الناس و
ينفق منها في سبيل اللّه كما أمره اللّه تعالى، و على هذا التقدير ينزل قول من نهى
عن الدنيا من السلف و من أمر بإمساكها، و قد كان مسلم النحات رحمه اللّه تعالى
يقول: لما ضرب الدينار و الدرهم وضعهما إبليس على جبهته و قبلهما و قال من أحبكما
فهو عبدي حقا.
(قلت) لابد من استثناء من أحب الدنيا للإنفاق من هذا الإطلاق و اللّه
أعلم، لأنه إطلاق في محل تفصيل، و قد كان كهمس بن الحسن رحمه اللّه تعالى لا يمسك
بيده دينارا و لا درهما و يقول: و اللّه لجراب بعر أحب إلي من جراب ذهب، و قد كان
إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى يقول: لا يكمل مقام الفقير إلا برفض الدنيا و
عدم تقدم نفسه فيها على إخوانه إلا أن يكون أحوج منهم.
و قد طلب رجل صحبة إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى فقال له بشرط أن
لا تكون أحق بمالك مني، فقال: لا طاقة لي على ذلك ثم ذهب، و في التوراة حرام على
قلب يحب الدنيا أن يقول الحق، و كان يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى يقول: اعلموا
أن الدرهم عقرب فمن لم يحسن رقيته قتله سمه، فقيل له: و ما رقيته؟ قال: أن يؤخذ من
حله و يوضع في محله، و كان سميط بن عجلان رحمه اللّه تعالى يقول: الدراهم أزمة
المنافقين يقادون بها إلى المهالك، و كان عيسى عليه الصلاة و السلام يقول: لا يكون
الرجل صالحا حتى يتساوى عنده الذهب و التراب، و كان شقيق البلخى رحمه اللّه تعالى
يقول: من انشرح لدخول الدنيا