(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
تفقد نفوسهم كل ساعة ليخرجوا منها صفات المنافقين و يدخلوا فيها صفات المؤمنين
لأنها عكسها فمن جملة صفات المؤمنين ما ذكره اللّه تعالى في كتابه العزيز بقوله عز
و جل: [التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ]
إلى آخر الآية، و منها قوله تعالى: [قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ][1] إلخ، و نحوهما من الآيات و في الحديث [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه
ما يحبه لنفسه] و في حديث آخر [لا يؤمن أحدكم حتى يأمن جاره بوائقه، قالوا: و ما
بوائقه يا رسول اللّه، قال:
غشه و ظلمه] و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول
إذا رأيتموني زغت عن الطريق فقوموني و انصحوني فإن المؤمن لا يكون إلا ناصحا
لأخيه، و قد جمع يحيى بن معاذ رحمه اللّه تعالى جملة من صفات المؤمن في بعض رسائله
فقال: أن يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير الخير قليل الفساد صدوق اللسان قليل
الكلام كثير العمل قليل الزلل قليل الفضول كثير البر للرحم وصولا و وقورا شكورا
كثير الرضا عن اللّه إذا ضيق عليه الرزق حليما رفيقا بإخوانه عفيفا شفوقا لا لعانا
و لا سبابا و لا عيابا و لا مغتابا و لا نماما و لا عجولا و لا حسودا و لا حقودا و
لا متكبرا و لا معجبا و لا راغبا في الدنيا و لا طويل الأمل و لا كثير النوم و
الغفلة و لا مرائيا و لا منافقا و لا بخيلا هشاشا بشاشا لا خساسا و لا جساسا، يحب
في اللّه و يبغض في اللّه و يرضى في اللّه و يغضب للّه زاده تقواه و همته عقباه و
جليسه ذكراه و حبيبه مولاه و سعيه لأخراه، و ذكر نحو ثلاثمائة وصف.
و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: لو نبت للمنافقين أذناب
ما وجد المؤمنون أرضا يمشون عليها- يعني لكثرتهم- و كان حذيفة رضي اللّه عنه يقول:
كان الرجل يتكلم بالكلمة الواحدة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيصير
بها منافقا و إني لأسمعها من أحدكم في المجلس الواحد عشر مرات و هو لا ينتبه لها،
و في الحديث [المنافق همته في الطعام و الشراب و المؤمن همته في الصيام و الصلاة]
و كان عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى يقول: قوة المؤمن في قلبه و قوة الكافر
و المنافق في يده.
و كان حاتم الأصم رحمه اللّه تعالى يقول: من علامة المؤمن أن يفعل
الطاعات و مع ذلك يبكي و من علامة المنافق أن ينسى العمل ثم يضحك، و كان الفضيل بن
عياض رحمه