فاتبع يا أخي سلفك في ذلك و لا تأكل إلا بعد
جوع شديد و هو أن تشتعل أمعاؤك و تصير تلذعك لعدم وجود طبيعة تشتغل بطبخها، فاعلم
ذلك يا أخي و اعمل عليه، و الحمد للّه رب العالمين.
التعليم
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
إذا علموا بالقرائن عدم إخلاص من يتعلم منهم العلم أن يدوموا على تعليمه، و لكن
يتوجهوا إلى اللّه تعالى في الدعاء له بإصلاح النية فيؤجرون هم و إياه و لا يتركون
تعليمه، فإن ذلك بمراد الشارع و ذلك لأن العلم يحمل لأمرين: للعمل به، و لإحياء
الشريعة به فصاحبه مأجور على كل حال، أما أجرا كاملا أو أجرا ناقصا، و قد كان سيدي
علي الخواص رحمه اللّه تعالى يقول: ما من حامل علم إلا و هو يعمل به و لو في حق
نفسه إذا ارتكب المعاصي لأنه يتوب و يندم إذا وقع فيها، فلولا علمه بالحكم ما
اهتدى لكون ذلك ذنبا و لا تاب منه فقد عمل هذا بعلمه من تلك الحيثية، و إن كان من
ارتكب المعاصي لم يعمل بعلمه على مصطلح الناس فافهم فالعلم نافع لصاحبه على كل
حال، و لم يزل علم كل إنسان أكثر من عمله في كل عصر، و الحمد للّه رب العالمين.
العزم على العمل
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
عزمهم على العمل بعمل كل عالم رأوه و لا يعتني بالعمل بما علم فيعملون بعلمه، ثم
يجعلون ثواب ذلك في صحائف هذا العالم و يطلبون أجرهم من اللّه تعالى من باب المنة
و الفضل كما أنهم إذا قرءوا في علم من العلوم يجعلون ثواب ذلك للمؤلف و لا
يزاحمونه في ذلك لأن ثواب كل قول لقائله فافهم و لكن هذا الأمر لا يتحقق به إلا من
كان أشفق على المؤمنين من أنفسهم بحكم الإرث لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كما
بسطنا الكلام على ذلك في كتاب [المنن الكبرى] و الحمد للّه رب العالمين.
المخالطة
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
مخالطتهم لمن كان عدوا لهم في السر و يدعي محبتهم ظاهرا و إيهامهم أن أحدهم صدقه
في دعواه المحبة له، و لم يلحق لما عنده من عدم الصدق و لا يكذبونه قط في دعواه، و
كذلك لا يمتنع قط من تقريبه إذا طلب منه القرب