responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 6

الشيخ أمين الغمري، و الشيخ محمد المغربي شيخ الجلال السيوطي، و دخل عليه السلطان قايتباي مرة و هو يأكل رغيفا يابسا بله في الماء، فعرض عليه ألف دينار فردها، و قال لا حاجة لي بها و أنشد للسلطان يقول:

اقنع بلقمة و شربة ماء و لبس الخيش‌

و قل لعقلك ملوك الأرض راحوا بيش‌

فحصل السلطان عبرة و بكى، و حمل الألف دينار.

فأين حال هؤلاء المشايخ من مشايخ هذا الزمان الذين يسافرون من مصر أو الحجاز، أو الشام، إلى الروم، أو العراق. ليسألوا أن يرتب لهم السلطان جوالي أو مسموحا أو مرتبا. مع أن أحدهم يجد في بلده ما يكفيه، و كان الأولى بهم لو عرض عليهم ذلك أن يردوه، و لا يزاحموا جند السلطان في مال المصالح كما درج عليه سلفهم الصالح بل لم نر أحدا من مريدي المشايخ الذين أدركناهم يسافر من بلده في طلب الدنيا فضلا عن المشايخ. لأن أول قدم يضعه المريد في الطريق أن يخرج عما بيده من الدنيا و يرميه في بحر الإياس كما هو معلوم.

و قد سافر مرة من مشايخ مصر شخص إلى الروم فاجتمع بالوزير إياس باشا فقال له:

ما صنعتك؟ فقال: شيخ من أهل الطريق، فقال له إياس فما حاجتك التى جئت فيها؟ قال:

ترتبوا لي شيئا من بيت المال، فقال له الوزير: هل تعلم أن أحدا في مصر مثلك في الطريق؟

فقال: لا، فقال له إياس: أف لك من شيخ إذا كان هذا حالك، و أنت تزعم أنه ليس أحد في مصر أعلى منك مقاما في الطريق.

فكيف ببقية المشايخ لقد أزريت بالفقراء و بهدلت الطريق فإن أحد المريدين لو فعل ذلك، و سافر من بلده إلى غيرها في طلب الدنيا لخرج عن طريق الإرادة. فكيف تفعل أنت مثل ذلك في حال نهايتك، و زجره، و أمر بإخراجه من عنده، فرجع خاسر المطالب.

و وقع لشخص من الشام أنه سافر إلى الروم يطلب له زيادة مرتب من الجوالي و كانوا أعطوه قبل ذلك أربعين نصفا كل يوم فلما بلغ اسلامبول جلس في طرق البلد و أرسل قاصده إلى الوزير و كان إذ ذاك إياس باشا أيضا يعلمه بقدوم سيدي الشيخ ليخرج إلى لقائه فأبى الباشا و قال للقاصد: قل له إن كان لكم عندنا حاجة فأتونا إلى البيت فذهب القاصد للشيخ و أخبره بمقالة الوزير، ثم قال الوزير: يا عجبا كيف يسافر هذا من الشام إلى الروم في طلب الدنيا و يطلب من الأمراء أن يعظموه و يخرجوا إلى لقائه مع أنه يحتاج إليهم و ليس أحد منهم يحتاج إليه و إذا كان هذا يزعم إنه ولي و قد راض نفسه بأصناف المجاهدات و هو

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست