responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 5

كل قولة إلى جدال جميع هؤلاء العلماء قبل أن يضع تلك القولة قال تعالى: [وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً][1] و ذلك لسر استحضار المؤلف جميع ما قيل في تلك المسألة و ما يرد على منطوقها و مفهوما حال الكتابة و لو أنه قدر على ذلك ما احتاجت الكتب إلى شروح و لا احتاجت الشروح إلى حواش عليها و هذا شأني في مؤلفاتي كلها ما عدا الحديث و المختصرات من أصول فكلها مستنبطة من الكتاب و السنة، و قد كان الإمام عمر بن الخطاب يفتي الناس و يقول هذا قول عمر فما كان صوابا فمن اللّه و إن كان خطأ فمن عمر انتهى.

و كذلك كان أبو حنيفة رضي اللّه عنه يفتي، و يقول: هذا أكثر ما قدرنا عليه في العلم فمن وجد أوضح منه فهو أولى بالصواب، و كثيرا ما كان يقول: هذه فتوى النعمان. فإن كانت صوابا فمن اللّه و إن كانت خطأ فمن النعمان و التبعة عليه فيها فى الدنيا و الآخرة.

و هكذا يقول مؤلف هذا الكتاب، و أرجو من فضل اللّه أن يكون هذا الكتاب كالمبين لما اندرس من أخلاق القوم رضي اللّه عنه بعد الفترة التي حصلت بعد موت الأشياخ الذين أدركناهم في النصف الأول من القرن العاشر فقد أدركنا بحمد اللّه تعالى نحوا من مائة شيخ كان كل واحد منهم يستسقي به الغيث كسيدي على المرصفي، و سيدي محمد الشناوي، و سيدي محمد بن داود، و سيدي أبي بكر الحديدي، و سيدي عبد الحليم بن مصلح، و سيدي أبي السعود الجارحي، و سيدي تاج الدين الذاكر، و سيدي محمد بن عنان، و سيدي علي الخواص، و غيرهم ممن ذكرناهم في كتاب طبقات العلماء و الصوفية.

فكل هؤلاء كانوا على قدم عظيم في الزهد و العبادة و الورع و كف الجوارح الظاهرة و الباطنة عن استعمالها في شي‌ء مما نهاهم اللّه عنه و كان أحدهم لا يقبل شيئا من أموال الولاة و لو كان في غاية الضيق بل يطوي و يجوع حتى يجد شيئا من الحلال، و لم يكن أحد منهم يعاني ركوب الخيل و لا الملابس الفاخرة و لا الأطعمة النفيسة و لا يتزوج المنعمات، و لا يسكن في القاعات المرخمات إلا إن وجد ذلك من حلال في نادر من الأوقات.

و كان الملوك يعرضون عليهم الرزق و الجوالي و المساميح، و المرتبات من بيت المال فيأبون ذلك و يقولون مال السلطان إنما هو معد لصرفه في المصالح و إقامة شعائر الدين و إنفاقه على الجند الذابين عن المسلمين، و نحن ليس فينا نفع لأحد.

و كان أحدهم يقنع بالكسرة اليابسة يفتها في الماء، و يغمسها بملح، و يكتفي بها منهم‌


[1] -سورة النساء: الآية 82.

نام کتاب : تنبيه المغترين نویسنده : الشعراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست