عملا، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى
يقول: إذا سمن الأمير بعد الهزال فاعلموا أنه قد خان رعيته و خان ربه، قال: و دخل
أبو العالية يوما على الرشيد رحمهما اللّه تعالى فقال له احذر دعوة المظلوم فإن
اللّه لا يردها و لو من فاجر، و في رواية و لو من كافر انتهى.
فتأمل يا أخي في نفسك و انظر هل وفيت بحق رعيتك في زاويتك و حق
جوارحك بحيث استعملتها في مرصاة اللّه تعالى و منعتها معاصيه أو غششت نفسك و
جوارحك فإن كل راع مسئول عن رعيته، و إياك يا أخي و الدخول على الأمراء و لو بقصد
أنك تأمرهم و تنهاهم فإن ذلك لا يتم لك معهم، و الحمد للّه رب العالمين.
غيرتهم للّه
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
غيرتهم للّه تعالى إذا انتهكت حرماته نصرة للشريعة المطهرة، فكانوا لا يفعلون فعلا
و لا يصحبون أحدا إلا أن علموا رضا اللّه تعالى فيه فلا يحبون أحدا و لا يبغضونه
لعلة دنيوية، و قد ثبت في الحديث [الحب في اللّه و البغض في اللّه أوثق عرا
الإيمان] فلو عبد الشخص ربه لعبادة الثقلين طلبا للثواب و هو غافل عن كون ذلك من
مرضاة اللّه تعالى فهو خارج عن الطريق و قد أوحى اللّه إلى موسى عليه الصلاة و
السلام هل عملت لي عملا؟ فقال: نعم يا رب صليت و صمت و تصدقت و ذكر أشياء، فقال
اللّه تعالى: هذا لك، و لكن هل واليت لأجلي وليا أو عاديت لأجلي عدوّا؟ فعلم عند
ذلك موسى أن الحب في اللّه و البغض في اللّه من أفضل الأعمال.
و كان علي بن الحسين رضي اللّه عنهما يقول: لا يصطحب اثنان على غير
طاعة اللّه إلا تفرقوا على غير طاعة اللّه، و قد كان يوسف بن أسباط رحمه اللّه
تعالى يقول: إذا دخلتم على الولاة فلا تخصوهم بالدعاء فإنهم حاربوا اللّه و رسوله
و لكن ادعوا للمسلمين، فإن كانوا منهم لحقتهم الدعوة و كان عبد اللّه بن مسعود رضي
اللّه عنه يقول: إذا صحبت أحدا لا تسأل عن مودته لك و لكن انظر ما في قلبك له و
نفسك، فإن ما عندك مثل الذي عنده على حد سواء انتهى.
و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: إذا أحدث الرجل حدثا و لم
يبغضه من زعم أنه أخوه فمحبته لغير اللّه، إذ لو كانت للّه لغضب على من عصاه و كان
أبو هريرة رضي اللّه عنه يقول: يؤتى بالعبد يوم القيام بين يدي اللّه تعالى فيقول
اللّه عز و جل له: هل أحببت لي وليّا حتى أهبك له؟ انتهى.