على الراحلة من غير محمل و لا مظلة و يقولون
المحرم أشعث أغبر، و هذا ينافي ذلك و كان أحدهم إذا أراد الحج يمكث سنين يحصل في
الدراهم الحلال التي ينفقها في حجه، و كانوا لا يستعينون في حجهم بشيء من أموال
الولاة و لا أعوانهم، و الحمد للّه رب العالمين.
شدة الحياء
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
شدة الحياء من رؤية الخلق فضلا عن شدة حيائهم من ربهم سبحانه و تعالى، و في الحديث
[الحياء من الإيمان و لكل دين خلق و خلق الإسلام الحياء]، و كان بشر الحافي رحمه
اللّه تعالى يقول: لكل شيء زينة و زينة الحياء ترك الذنوب، و لكل شيء ثمرة و
ثمرة الحياء اكتساب الخير، و كان مالك بن دينار رحمه اللّه تعالى يقول: ما عاقب
اللّه تعالى قلبا بأشد من أن يسلب منه الحياء، و كان يوسف بن أسباط رحمه اللّه
تعالى يقول: لقد أدركنا الناس و هم يستحيون من اللّه تعالى أن يسألوه رضاه و الجنة
و إنما يسألونه العفو و الصفح، و قد كان الإمام مالك رضي اللّه عنه يقول: أول من
ضرب الأخبية في سفره أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال: إني رجل شديد
الحياء من الناس فاستروني من رؤيتهم لي، و كان رضي اللّه عنه لا يذهب إلى الخلاء
إلا و هو مغط رأسه حياء من الملائكة عليهم الصلاة و السلام.
(قلت) و لذلك جوزي رضي اللّه عنه باستحياء الملائكة منه دون غيره كما
أشار إليه الحديث بقوله صلى اللّه عليه و سلم: [ألا أستحيي ممن تستحي منه ملائكة
السماء]، و كان إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه تعالى يقول: بلغنا أن عثمان رضي اللّه
عنه كان يفرش للملائكة عليهم الصلاة و السلام رداءه على باب الخلاء و يقول اجلسا
هنا حتى أخرج إليكما ا ه، فاعلم ذلك و الحمد للّه رب العالمين.
التقوى
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
شدة التقوى للّه تعالى و رؤيتهم نفوسهم بعد ذلك أنهم غير متقين و حبهم للّه و
لرسوله صلى اللّه عليه و سلم، و كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه
يقول لنفسه: و اللّه لتتقين اللّه يا ابن الخطاب أو ليعذبنك ثم لا يبالي بك، و كان
رضي اللّه عنه يقول: من اتقى اللّه لم يصنع كل ما تريده نفسه من الشهوات، و في
الحديث [من قيل له اتق اللّه فغضب أوقف يوم القيامة فلم يبق ملك إلا مر به و عاتبه
و قال له أنت الذي قيل لك اتق اللّه فغضبت] يعني يوبخونه بذلك.