و كان عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما
يقول: ركعتان مع حضور القلب خير من ألف ركعة و القلب ساه، و قد كان علي بن عبد
اللّه بن عباس رضي اللّه عنهم يسمى السجاد لكثرة سجوده و كان يقول: إن الخضوع فيه
أفضل من الخضوع في الركوع فلذلك كنت أكثر منه، قيل: كان ورده كل يوم ألف ركعة، و
كان عمر بن عبد العزيز رحمه اللّه تعالى يسجد في صلاته على التراب دون الحصير و
يقول: إن ذلك أقرب إلى الخضوع بين يدي اللّه تعالى.
و كان سفيان الثوري رحمه اللّه تعالى يقول: لقد أدركنا الناس و أحدهم
إذا دخل المسجد ارتعد و تغير من شدة هيبة اللّه حتى لا يعي شيئا من أمور الدنيا و
يذهل عن كل شيء، و قد كان شيخنا سيدي علي الخواص رحمه اللّه تعالى أخر من أدركته
من رجال هذا المقام، و كان رحمه اللّه لا يتجرأ أن يدخل المسجد إلا تبعا للناس، و
كان سعيد بن المسيب رحمه اللّه تعالى يقول: من جلس في المسجد فإنما يجالس ربه عز و
جل و سيأتي على الناس زمان يجلسون في المسجد حلقا حلقا حديثهم فيه الدنيا فلا
تجالسوهم.
(قلت) هذا في الحديث المباح فما بالك بمن يجلس في المسجد يستغيبون
فيه العلماء و الصالحين نسأل اللّه العافية، فاعلم ذلك يا أخي و تخاشع عسى تصير من
الخاشعين، و الحمد للّه رب العالمين.
العمل على كشف الحجاب
(و من أخلاقهم رضي اللّه تعالى عنهم):
العمل على كشف حجابهم حتى يصير أحدهم يصلي خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في
قبره الشريف لكما شاء، و كذلك يصلي خلف كل نبي عليهم الصلاة و السلام، لما ورد
أنهم عليهم الصلاة و السلام يصلون في قبورهم بأذان و إقامة.
و قد كان سيدي الشيخ أبو العباس المرسي قدس اللّه سره يصلي الصلوات
الخمس خلف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كما أخبر بذلك عن نفسه، و كذلك كان أخي
الشيخ أفضل الدين رحمه اللّه تعالى، و قد قال سيدي أبو العباس رحمه اللّه يوما
لأصحابه: أيكم يجالس رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لا يحتجب عنه في ليل و لا
نهار، فقالوا كلهم: ليس منا أحد يقع له ذلك، فقال لهم: ابكوا على قلوب محجوبة عن
أسرار الكون الملكوت و اللّه لو احتجب عني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لحظة
ما عددت نفسي من المسلمين انتهى.